للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلاده، وشحنهما بالآلات النّارية حتى ضبط فم الخليج، فلم يقدر يسلكه شيء بعد من مراكب بحر نيطس (٢٢٧) إلى القسطنطينية وإلى بحر الرّوم، ثمّ ثنى عزمه إلى مدينة أدرنة، فأمر بإنشاء دار السّعادة الجديدة، فشرعوا في بنائها، ثم أمر بسبك المدافع الكبار وعمل (٢٢٨) المكاحل لأجل فتح القسطنطينية، فأكثروا منها، ثمّ لمّا تكاملت الآلات والأسباب المتعلّقة بالقتال نهض للفتح، وكان قد أنشأ أربعمائة غراب هو وأبوه من قبله فأرساها عند الحصن الّذي ابتناه على قدر الجلد الموسومة ببقركس، فأمر بتلك الأغربة فسحبت إلى البر بعد أن جعلت تحتها دواليب تجري عليها كالعجلة، وشحنها بالرّجال (٢٢٩) والأبطال، ثم أمر بنشر أقلعتها فنشرت في ريح شديدة موافقة، فساروا في البرّ على هذه الهيئة حتى انصبّوا إلى الخليج الواقع شمال البلد من طرف مدينة غلطة، فامتلأ الخليج من تلك الأغربة، ثم قربوا بعضها من بعض، ثم ربطوها بالسّلاسل فصارت جسرا ممدودا ومعبرا لطيفا للمسلمين، وكان أهل البلد آمنين من هذه الجهة فلم يحصّنوها وإنّما كان خوفهم من جهة البرّ والبحر فكانوا حصّنوها (٢٣٠) وغفلوا عن هذه / الجهة لأمر دبّره الله تعالى، فشرع المسلمون في القتال والحصار من جهة البرّ والبحر، وكان أهل البلد لمّا سمعوا بقصد المسلمين عليهم إستمدوا من الإفرنج فأمدّوهم بجيش عظيم وعدد فتقووا بذلك فأعيى المسلمسن أمرها، وكان السّلطان محمّد أرسل وزيره أحمد باشا ابن ولي الدّين قبل هذا التاريخ إلى خدمة العارف بالله الشّيخ شمس الدّين آق (٢٣١) وإلى خدمة الشيخ آق بيق يدعوهما إلى الجهاد وإلى الحضور معه في فتح القسطنطينية (فحضرا وبشّر الشيخ شمس الدّين الوزير المذكور بالنّصر وقال: ستفتح القسطنطينية) (٢٣٢) إن شاء الله تعالى على يد المسلمين في هذا العام، وسيدخلونها من الموضع الفلاني في اليوم الفلاني في هذا العام وقت الضّحوة الكبرى، وأنت تكون واقفا


(٢٢٧) في ط محرفة: «ينطش» قال الحميري: بحر نيطس متصل من جهة جنوبه ببلاد اللازقة إلى أن يتصل بالقسطنطينية. . . وبحر نيطس هو بحر أمم من الترك والبرغز والروس وغيرهم. . . ويتصل هذا البحر من بعض جهاته ببحر الخزر، الروض المعطار ص: ٥٨٥.
(٢٢٨) في ط: «وعمر».
(٢٢٩) في ش وب: «الرجل».
(٢٣٠) في ط: «يحصنوها».
(٢٣١) آق شمس الدّين صوفي طبيب، وله تصانيف فيه، ترجم له ترجمة مطولة طاش كبرى زادة (ت.٩٦٨/ ١٥٦٠ - ١٥٦١) في الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية، (دار الكتاب العربي، بيروت ١٣٩٥/ ١٩٧٥) ص: ١٣٨ - ١٤٢.
(٢٣٢) ما بين القوسين ساقط من ط وت وب.