للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها الكفّار حصنا حصينا في غاية الإحكام (٤١٥) ذا (٤١٦) أسوار وخنادق متعددة (٤١٧) يتلو بعض تلك الأسوار بعضا، إتخذها الكفّار مكمنا (٤١٨) لأخذ المسلمين، فإنهم ينظرون من أعلى (٤١٩) قلعتها إلى السّفن الّتي تمر في البحر (٤٢٠)، فإن علموها مشحونة بعساكر المسلمين (تهيؤوا للتحصين، وإن علموها بتجارة المسلمين) (٤٢١) أخذوها قهرا، فاتخذ النّصارى هذا الحصن لهم متعبدا يجهّزون أموالهم إليه لتصرف في بنائه وإتقانه واتخاذ آلات الحرب ومراكبه وغير ذلك، وجعلوا أسواره مفتّحة الطيقان من أعلاها إلى أسفلها من جميع الجهات، ووضعوا فيها مدافع كبيرة كثيرة ترمي على من يقصدها من خارج فتصيبه من أي جهة من الجهات (٤٢٢)، ولهذا الحصن أبواب (٤٢٣) من حديد وسلسلة عظيمة على فم مرساة تمنع المراكب من الوصول إلى الأبواب (٤٢٣)، وهيؤوا أغربة مشحونة بالسّلاح والمدافع الكبيرة، فإذا أحسّوا بسفينة في البحر من الحجّاج أو التّجّار (٤٢٤) أخرجوا إليها تلك الأغربة وأخذوها ونهبوا ما فيها من الأموال وأسّروا المسلمين، فيقطعون على المسلمين الطّريق على هذا الأسلوب، ويجمعون الأموال ويصرفونها على مقاتلتهم، فكان هذا دأبهم، وعجزت ملوك الإسلام عن دفع ضررهم، وعمّ أذاهم المسلمين، فتجهز السّلطان سليمان / - رحمه الله تعالى - بعسكره المنصور إلى أخذ هذه الجزيرة (٤٢٥)، وكان


(٤١٥) في الإعلام ص: ٣١٠: «الاستحكام».
(٤١٦) في الأصول: «ذو».
(٤١٧) في ط: «وخنادق ومنطردة»، وفي ب: «وخنادق منظورة».
(٤١٨) في ش: «ممكنا» وهو تحريف.
(٤١٩) في الأصول: «في أعلى».
(٤٢٠) في الإعلام: «تمرّ في البحر من مسافة بعيدة».
(٤٢١) ما بين القوسين ساقط من ط وب.
(٤٢٢) في ش: «الجهاة».
(٤٢٣) في الإعلام: «باب».
(٤٢٤) في الأصول: «والتجار».
(٤٢٥) وملوك أوربا لم يكونوا بحالة تسمح لهم مساعدة الرّهبنة المحتلة للجزيرة، فكان ملك فرنسا فرنسوا الأول وشارل الخامس الشهير بشرلكان ملك إسبانيا وألمانيا معا مشتغلين بمحاربة بعضهما والبابا لاون العاشر Leon X مشتغلا بمجادلة ومقاومة الرّاهب الألماني لوثر Luther مؤسس مذهب البروتستانت، وبلاد المجر مضطربة في الدّاخل بسبب عدم إتفاق أمرائها وأعيانها وصغر من ملكها لويس الثّاني، كلّ هذه الأسباب حملت السّلطان على إنتهاز هذه الفرصة لفتح هذا الحصن المنيع، تاريخ الدولة العلية ص: ٢٠٣ - ٢٠٥.