للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بركاتهم في أرضه وبلاده، حتّى حصلت الرّوعة الموروثة خوفا منهم في قلوب النّصارى المشركين الكفّار، أهلكهم الله وأخزاهم وخذلهم ودمّرهم أشدّ الدّمار، وقد شاهدت في كثير من بلادهم وكتبهم وتحققت من خاصّتهم وعامّتهم أنّ الخوف الّذي في قلوبهم منهم لم يفارقهم في اللّيل والنّهار، وانقطع رجاؤهم الّذي كانوا يرجونه أن الدّولة العثمانيّة يكون إنقراضها عند السّادس عشر من سلاطينهم، واستدلّوا على ذلك من قول (٥٩٦) يوحنّا الحواري الّذي كتب رابع الأناجيل، ثم كتب كتابا مرموزا يسمّى ببقلبش (٥٩٧)، فتأوّلوا بعض رموزه على مقتضى غرضهم الفاسد، ومرادهم الخاسر، فأظهر الله بالبرهان أنّ قولهم كان باطلا وزورا، إذ هذا السّلطان الموجود الآن الثّامن عشر من السّلاطين، فزاد الحساب وظهر الغلط فيما تأوّلوه من الكتاب، وقال علماؤهم: إنّ من بركات (٥٩٨) الإنجيل الظّاهرة الآن أن يشغل السّلاطين العثمانيين عنهم وقد كذبوا، بل من بركات الإنجيل الظّاهرة أن نصر الله سلاطين الإسلام على النّصارى، حتّى يهينهم (٥٩٩) الله ويهلكهم لعدم إيمانهم بما أمرهم بالإيمان به (٦٠٠) لأن من جملة ما أمرهم به تصديق أحمد محمّد صلّى الله عليه وسلم لأنّ عيسى - عليه السّلام - (٦٠١) بشّر به وأمر بالإيمان به، قال تعالى:

{وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اِسْمُهُ أَحْمَدُ} (٦٠٢) وقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ / لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} (٦٠٣) الآية.

قلت: هذا ما كان في زمنه، وأمّا الآن فإن الله قد أظهر بركته في هذا النّسل السّعيد، وزاد عدده زيادة واضحة، فانقطع آمال الكافرين، وفرح بذلك المؤمنون،


= زيدان بن أحمد المنصور السعدي كما كان كاتبه باللّغة الإسبانية، وحجّ سنة ١٠٤٦، وفي إيابه زار مصر، وصنّف كتابا في مناظراته مع بعض علماء النّصارى واليهود في أوربا سمّاه «ناصر الدّين على القوم الكافرين»، وقصد تونس فترجم فيها عن الإسبانية كتاب «العز والمنافع للمجاهدين بالمدافع» وله غير ذلك. الإعلام ١/ ١٩٨ - ١٩٩، ط.٥.
(٥٩٦) في ط: «بقول»، ولعلّ المقصود «رؤيا يوحنا».
(٥٩٧) Apocalypse المنشور مع رسائل الرّسل بعد الأناجيل.
(٥٩٨) في ش: «بركاة».
(٥٩٩) في ط: «يفنيهم».
(٦٠٠) في ط: «من الإيمان».
(٦٠١) ساقطة من ط.
(٦٠٢) سورة الصّف: ٦.
(٦٠٣) سورة آل عمران: ١٨٧.