للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بايات (٨)، ودونوا الدواوين / وخرج الولاة لجباية الأموال على مقتضى تلك الدّواوين، وجعلوا تفرقة ذلك المال الّذي تجبيه البايات على العساكر في دار الباشا على مقتضى مراتب العساكر، فانتشرت الأحكام والأعلام في أقاليم إفريقية، وخطب الخطباء باسم السلاطين العثمانية، وضربت السّكّة باسمهم، وتوجّهت الآمال نحوهم، وانضافت إفريقية إلى السّلطنة العثمانيّة.

واستمرّت عليها ولاياتهم (٩)، وتوجّه إليها زعماؤهم، وحكم فيها باشاواتهم، فكانت قطرا من أقطارهم، ودارا من ديارهم، (وجعلوا إصطلاحا على عادة) (١٠) أهل الجزائر المتحكّم في الدّيوان والعسكر جماعة البلكباشية (١١) (فساروا على ذلك زمانا، ثم أظهر (١٢) البلكباشية) (١٣) الحيف على إخوانهم من بقيّة العساكر، وساروا في أحكامهم بعنف، فجاروا على بعضهم حتّى أنّ الواحد من البلكباشية (١١) إذا كان عنده صبي (١٤) كانت له حرمة وافرة، فإذا شاء مدّ يده في اليلداش وما عسى من دونه (١٥)، فأنفت نفوس العسكر من ذلك، وأضمروا (١٦) لهم الشّرّ، وتعاهد العسكر بينهم على الفتك بهم في يوم معلوم [وهو] يوم جمعة وكان وكيل الخرج في الدّيوان واحدا معلوما منهم إسمه طبّال رجب فساعدهم على ما أرادوه ووعدهم أن لا يحضر ذلك اليوم لتكون بيت السّلاح مغلوقة حتى لا يجدوا سلاحا يدافعون به عن أنفسهم.

فلمّا كان يوم وعدهم واجتمع الدّيوان دخل عليهم / العسكر على حين غفلة، ووضعوا السّيف فيمن وجدوه هنا لك، ولم يمنع (١٧) إلاّ من لم يحضر ذلك اليوم، وتتّبعوهم في منازلهم فقتلوا من وجدوه حيث كان، ولم ينج إلاّ من فرّ بنفسه، وكانت


(٨) وهو برتبة أمير لواء، أنظر الحلل السّندسيّة ٢/ ٣١٨، وعن هذه التّنظيمات أنظر ذيل بشائر أهل الإيمان ص: ٨٧ - ٨٨.
(٩) في ط وت: «ولايتهم».
(١٠) كذا في ط وت والمؤنس، وفي ش: «وجعلوا عادة على اصطلاح».
(١١) في ذيل بشائر أهل الإيمان «البلقباشية» (طبعة قديمة). وبولكباشية في الطّبعة المحققة من طرف الطّاهر المعموري، وفي المؤنس: «بلوكباشية».
(١٢) ساقطة من ت، وفي ش: «ظهر في».
(١٣) ما بين القوسين ساقط من ط.
(١٤) في المؤنس ص: ٢٠٠: «إذا كان عنده صبيان وهم المعبّر عنهم بالعزرية تكون له حرمة وافرة».
(١٥) المؤنس ص: ٢٠٠.
(١٦) كذا في ط والمؤنس، وفي ش: «ظهر»، وفي ت: «أظهروا» والنّقل الموالي من المؤنس بتصرّف يسير.
(١٧) يقصد «ولم ينج».