للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شنّوف (١٢٧) وغيرهم من أخابث الأعراب، وضرب بعضهم ببعض، وألحق الغنيّ منهم بالفقير، والكبير بالصّغير، والجليل بالحقير، فقطع أهل الفساد، ونفاهم من البلاد، فخرج إلى الحامة وأرسل المؤونة في البحر، وحشد إليها الحشود، وجمع الجموع، ونصب عليها آلات الحرب من المدافع وغيرها، وحفر المتاريس، وأمر بقطع نخيلها، وحاصرها من جميع جهاتها، وأعذر (١٢٨) إليهم وأنذرهم بنزول البلاء فلم يلتفتوا، فلمّا لم يأنس منهم رشدا وأيس من إصلاحهم ولم ير منهم أحدا أقسم أن لا يرتحل عنهم إلى أن يحكم الله بينه وبينهم /، وجاءهم المدد من إخوانهم المتمرّدين فلم يغن (١٢٩) عنهم شيئا فضايقهم بالحصار، وناوشهم بالقتال، فمات من الفريقين كثير، وكانت في غاية من الحصانة، ولأهلها قوّة بأس وحرب والنخل محيط بها من جميع (١٣٠) جهاتها، والخندق محيط بها، فلمّا نفذ فيهم القضاء، بارت حيلهم، ودارت عليهم الدّوائر، فلم ينفعهم المدد ولا كثرة العدد ولا مداومة الحرب ومدافعتهم وإستعانتهم بالمفسدين، ففتحها بعد جهد جهيد، والإستعانة بكل ما يمكن من المال والرّجال وبعد موت الأبطال والشجعان، فدخلها عنوة بالسّيف، فقتل رجالها وسبى نساءها، ونهب أموالها، وبيعت أطفالها، وأخرجت مساكنها وأقفرت من ساكنها، وذلك سنة خمس وأربعين وألف (١٣١).

وكان جبل وسلات قد رفع أنفه (١٣٢) فلمّا سمع ما حلّ بالحامّة إنقاد، وكذا غيره من العصاة والبغاة، وأذلّ بني شنوف، وأطاعه جميع العربان في جميع الأوطان حتّى أنّ ورغمّة أدخلهم في عمالته بعد أن كانوا يدّعون أنّهم من أجواد العرب، فنظّمهم في سلك أهل جبايته.

وفي حدود الخمسين وألف (١٣٣) أخذ في تزميل الزّمول (١٣٤)، فأضاف دريد إلى


(١٢٧) كذا في ت وفي ش وط: «شنوب».
(١٢٨) كذا في ش، واستعمل إبن أبي دينار في المؤنس: «ومع ذلك كان يبالغ في الإرسال إليهم بالأعذار والإنذار»، ص: ٢٣٢، وفي ت وط: «أحذرهم».
(١٢٩) في المؤنس: «فلم يجد نفعا لكبير ولا صغير»، ص: ٢٣٢.
(١٣٠) ساقطة من ط وت.
(١٣١) أواخر ذي الحجة / جوان ١٦٣٦ م.
(١٣٢) في المؤنس: «شمخ بأنفه».
(١٣٣) ١٦٤٠ - ١٦٤١ م.
(١٣٤) في المؤنس: «ولمّا عزم على ممارسة قبائل العرب شرع في تزميل فرسانهم» ص: ٢٣٦.