للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمّد آغة (١٦٩) وجعلوه بايا، فركب في الأسواق، وجلس في منازلهم وأخذ يستعدّ للحرب، وبعث إلى طائفة (١٧٠) من العربان ينتصر بهم، وخرج بمحلّته ونزل بالملاّسين، وهو مكان في طريق سيجوم، فبعث إليهم / الباي يحذّرهم عاقبة مكرهم فأبوا، لأنّ هؤلاء الخارجين كانوا رؤوس العسكر، فكرّر عليهم الإنذار، فأبوا إلاّ اللّجاج، فكانوا يخرجون كلّ يوم خارج البلد، ويستنفرون من على رأيهم فجاءتهم أشرار الأعراب (١٧١)، وهوّنوا الأمر عليهم ليأخذوا منهم الأموال، فأعطوهموها (مع ثياب) (١٧٢) وعزموا على الرّحيل فلم يجدوا ظهرا يحملهم، فلم تمض أيام إلاّ وقد طلع الباي عليهم فتناوشوا القتال، فلم تكن إلاّ ساعة من نهار وقد ولّوا على أدبارهم منهزمين، فأخذت مدافعهم وأمتعتهم، ووقعت فيهم مقتلة عظيمة، ومن أفلت التجأ إلى القصبة فغلقوا بابها سنة خمس وثمانين (١٧٣) وألف، ومن الغد أصبحت القصبة مغلقة الأبواب، وأهل البلد في حيرة لم تكن في حساب، وعاثت الأعراب في أطراف البلاد، ويوم الأحد قدّموا دايا: مامي جمل، وبعث أكابر العسكر إلى الباي يعتذرون إليه فقبل منهم وأمرهم بإخراج المفسدين من بينهم، فبعثوا إلى الجماعة المتحيزين بالقصبة فخادعوهم حتّى أخرجوهم وقتلوهم، وتتبّع آثار المفسدين بالقتل والنفي، واسترجع ما نهب من ديارهم، وردّ الأعراب الّذين كانوا معه إلى أوطانهم وكتب أوامر إلى الباب العالي، فجاء الجواب على مقتضى مراده.

وفي هذه السّنة أخذ أهل وسلات في الشّقاق والنّفاق، وكان قد إلتجأ إليهم أبو القاسم الشوك لخوفه من سطوة مراد باي لأنّه كان والس عليه، وساعد بعض / أعدائه فاعتصم بالجبل (١٧٤) مع أبناء جنسه (١٧٥)، فكاتب الشّوك وحذّره فلم يقبل، ففي سنة


(١٦٩) هو رجل من الجند.
(١٧٠) في ش: «بطائفة».
(١٧١) من أولاد سعيد والمثاليث وغيرهم ممّن شرّدهم مراد باي لفسادهم: (الإتحاف ٢/ ٤٦).
(١٧٢) ما بين القوسين ساقط من ط وفي ت: «إثبات».
(١٧٣) انحجز مع محمد آغة في القصبة مع صاحبه الحاج علي لاز وذلك يوم الخميس ١٦ صفر سنة ١٠٨٤/ ١٦٧٣، وأصبح باب القصبة مغلقا، فأرسل مراد باي إلى سائر الجند بالأمان، وأمرهم بخلع الحاج علي لاز وولاية الداي مامي جمل: الإتحاف ٢/ ٤٦، المؤنس ٢٤٤ - ٢٦٥، وذكر أنّ انهزام محمّد آغة وجنده كان يوم الجمعة ١٥ صفر سنة ١٠٨٥/ ٢١ ماي ١٦٧٤ م ومن الغد أصبحت القصبة مغلقة الأبواب، ويبدو أنّ المؤلّف نقل ما في المؤنس باختصار مع الاتفاق أحيانا في العبارات وأنظر الحلل السّندسيّة ٢/ ٤٤٢ - ٤٤٣.
(١٧٤) ساقطة من ش.
(١٧٥) وكان شيخ الجبل.