للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمّ لمّا أتي بالقائد مراد لمحمّد باي ألحقه بسبنيور ذبحا، وعلي باي لم يكن عنده خبر بحال أخيه محمّد حتّى بلغ قفصة وأيقن أهلها أنّهم إن استند إليهم (٣١٤) يوقعهم فيما يعجزون (٣١٥) عنه، فكان من رأيهم أن منعوه دخول البلد وصدّوه حتّى عن شرب الماء وقاتلوه ولم تكن له قوة ولا نهضة للقتال فألوى عنانه إلى بلد لالا (٣١٦)، فتسلّط عليه أهل جبل القطار، ونجا منهم، ودخل صفاقس لأنّ الآغة الّذي كان بها من رجاله فمرض بها حتّى أرجف بموته وعزم على الفرار بحرا لأنه بلغه أنّ أحمد شلبي ربط مع أهل صفاقس أن يرسل لها نائبا من عنده، فخشي وركب في البحر لسوسة وذلك بشوّال سنة خمس وتسعين وألف (٣١٧) فبرئ بها.

ولمّا وقع لعلي باي ما وقع ببحيرة الكاف ونهبت خيامه - حسبما مرّ - رحل محمّد باي بمحلّة الجزائر ورجع لحصار قلعة الكاف وأحاط بها من جميع الجهات فلم يقدر من بالحصار على أدنى مدافعة له، وكان رئيس القلعة فرج خرطان، فلمّا تحقّق حفر محمد باي للألغام جعل ينصت لحسّ الحفر ويحفر أمامه لإبطال العمل، وكان فرّ منهم نفر لمحمّد باي فجرّهم في أذناب الخيل فازداد غيظ / أهل القلعة وعظم الأمر عليهم، فبينما هم كذلك إذ أمر محمّد باي (٣١٨) بإيقاد الألغام فانفلق جانب القلعة من جهة الوادي وصارت القتلى أمامه كالتّل العالي، فلم يسع رئيس القلعة فرج خرطان إذّاك إلاّ أن إتّفق مع الّذين كانوا معه محصورين أنهم يجلسون على البرامل متاع (٣١٩) البارود (٣٢٠)، ومن جملة المحصورين مصطفى بن موسى خزنادار علي باي، وأمّا مصطفى سبنيور فإنه قتل نفسه بخنجر كان بيده، وممّن كان بداخل الحصار رمضان باي أخو محمّد وعلي باي وكذا مراد باي إبن علي باي وكانا صغيرين فكنفهما (٣٢١) محمد باي، ودخل العسكر واتّصل بما تقدّم ذكره من الذّخائر والخزائن.


(٣١٤) في الأصول: «استندوا إليه» والتّصويب من الحلل ٢/ ٥١١.
(٣١٥) في الحلل: «فيما يعجزهم عن أمره لما يعلمون من شدّة مكره».
(٣١٦) من ضواحي قفصة.
(٣١٧) سبتمبر ١٦٨٤ م.
(٣١٨) في الأصول: «إذ مرّ محمد باي» والتّصويب من الحلل ٢/ ٥١٢.
(٣١٩) كلمة دارجة لا حاجة بها، يقال «براميل البارود».
(٣٢٠) «وأوقدوا بها النّار فصاروا إلى ما به طاروا، والّذين طاروا بالبارود هم فرج خرطان ومصطفى بن موسى كان خزنادار عند علي باي. . .»، الحلل ٢/ ٥١٢.
(٣٢١) في ط: «كفلهما».