للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألف - وكانت تسمّى قصر تليدة، بينها وبين صفاقس ثمانية وعشرون ميلا، وخرّب ذلك الحصن (٦٦) اليوم لأنّه استولى عليه البحر، وضريح الشّيخ إلى الآن مشهور مزار، وله كرامات في حياته وبعد مماته، فيحكى عنه عجائب من الأخبار والوصف لما (٦٧) لم يكن، فيكون كذلك مثل ما يحكى بالأندلس عن بقي بن مخلد.

ويحكى أنّه وقعت في زمنه شدّة فطلبوا منه الإستسقاء فأمر النّاس بالصّوم والصّلاة وإصلاح (٦٨) ذات البين وخرج / بهم إلى الصحراء ومعه سائر الحيوانات ففرّق بينها وبين أولادها، ووقع البكاء والضّجيج، فأقام على ذلك إلى منتصف النّهار، ثم صلّى وخطب بالنّاس فسقوا، وهذا نظير ما وقع لموسى بن نصير - حسبما مرّ -.

وممّا وقع في هذه الأعصار أنّ بعض النّاس كانوا مسافرين في البحر فنزلوا لزيارته، فقال بعضهم: وددنا لو وجدنا من يبيع لنا شاة نتعشّى منها، فنظروا فلم يجدوا أحدا من العرب (٦٩) ولا من غيرهم، فدخلوا ضريح الشّيخ وخرجوا فإذا بصوت شاة فتبعوا صوتها، فإذا بشاة مكتوفة على عادة العرب ينذرون ويضعون (٧٠) نذورهم حذو الشّيخ إذا لم يجدوا زائرا، فأخذوها وأكلوها وعدّوها من كرامات الشّيخ - رحمه الله تعالى ونفعنا به -.

وكانت وفاته - رحمه الله - بشهر ربيع سنة عشرين (٧١) ومائتين.

وممّن إجتمع بامامنا مالك - رضي الله تعالى عنه - وأخذ عنه إسرائيل بن روح.

قال التّجاني (٧٢): وارتحلنا عن الجم ففارقنا بمفارقته أرض حكيم وطرود، ودخلنا في أرض أخوتهم حصن، وكان مسيرنا منذ فارقنا الجم في الزّيتون القديم المتّصل بالمعروف بزيتون السّاحل، قال الرشاطي (٧٣) في كتابه المسمّى «باقتباس الأنوار»: إنما سمّي هذا الموضع بالسّاحل وليس بساحل بحر لكثرة ما فيه من سواد الزّيتون والشّجر والكرم، قال:


(٦٦) من الحصون البيزنطية السّاحلية، وما تزال بقاياه قائمة بجانب مقام هذا الشّيخ المعروف عاميا بسيدي أحمد عبسة.
(٦٧) في ط: «ما».
(٦٨) في ط وت: «صلاح»، وفي ب: «صلاح ذلك».
(٦٩) يقصد أهل البادية.
(٧٠) في ش: «يصنعون»، وفي ت: «يعطون».
(٧١) ربيع الآخر سنة ٢١٠/ ٨٢٥ - ٨٢٦ وسنه ٨٦ سنة، فيكون ميلاده سنة ١٢٤/ ٧٤١ - ٧٤٢.
(٧٢) الرّحلة ص: ٦٥.
(٧٣) الرّحلة ص: ٦٦.