للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووجهه أبو الحسن القابسي لتفقيه أهل المهدية وامتد عمره بعد اقرانه فحاز رئاسة العلم والتّشيّخ (٢١٨) به بالقيروان، وكان فاضلا فقيها زكيّا له اعتقاد في الصّالحين يزورهم في السّاحل ويبحث عن مناقبهم وأحوالهم، وهو الذي ألّف مناقب (٢١٩) أبي إسحاق الجبنياني، وله كتاب في الفقه كبير جمع فيه بين النوادر لأبي محمّد (٢٢٠) وموطّأ مالك وغيرهما، فجمع فيه مذهب مالك كله، وألّف اختصار المدوّنة (٢٢١)، توفّي بالقيروان سنة أربعين وأربعمائة (٢٢٢) وسنه ثمانون سنة (٢٢٣) وأنشد لنفسه بعد ما ذكر مناقب الشّيخ أبي إسحاق الجبنياني وأصحابه هذه الأبيات (٢٢٤):

[البسيط]

أنت العليّ وأنت الخالق الباري ... أنت العليم بما تخفيه أسراري

أنت الغني فما للخلق مقدرة ... في وسع عيش وفي بؤس وإقتار

تعطى (٢٢٥) الولاية أقواما فتلبسهم ... ثوب المهابة محروسا من العار

تجول في ملكوت العزّ أنفسهم ... تبدو مدامعهم خوفا من النّار

قد أسلموا الأهل والأوطان وارتحلوا ... ما أن ترى مثلهم في نازح الدّار

يا طول حزني على تركي لوصلهم ... يا ويح نفسي على بعدي وإدباري

لم لا أظلّ على الأشجان (٢٢٦) معتكفا ... أدعو المليك بإفصاح وإضمار

على (٢٢٧) المليك يذود النّفس عن عطب ... يجلو الغماء (٢٢٨) بتوفيق وأنوار


(٢١٨) في ت: «مع التشيخ».
(٢١٩) حقّقه وترجمه إلى الفرنسية الأستاذ هادي روجي إدريس مع مناقب محرز بن خلف لأبي طاهر الفارسي، «أطروحة تكميلية»، من منشورات كلية الآداب بجامعة الجزائر، باريس ١٩٥٩.
(٢٢٠) هو إبن أبي زيد القيرواني وهو شيخه، وهذا الكتاب يعرف بزيادات الأمّهات.
(٢٢١) ويعرف بالملخّص كما ذكره إبن شرف في صلته لتاريخ الرّقيق، وذكر الرّشاطي أنّه توفّي سنة ثلاثين وأربعمائة، أنظر رحلة التّجاني ٨٣.
(٢٢٢) ١٠٤٨ - ١٠٤٩ م.
(٢٢٣) فيكون مولده سنة ٣٦٠/ ٩٧١ م.
(٢٢٤) المناقب ص: ٧٠.
(٢٢٥) كذا في بعض نسخ المناقب، وفي بعض النسخ الأخرى وفي الأصول: «تصفى».
(٢٢٦) كذا بالأصول والمناقب.
(٢٢٧) كذا بالأصول وفي بعض نسخ المناقب، وفي غيرها: «عسى»، هامش ١٤ ص: ٧٠.
(٢٢٨) في الأصول: «العمى»، والتّصويب من المناقب.