للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتوفّي الشّيخ إبن عروس سنة نيف وسبعين وثمانمائة (٦١٨).

وللشّيخ الكراي كرامات كثيرة في حياته وبعد وفاته، فمن ذلك أنّه طلب منه تلاميذه يوما دقيقا لقوتهم، فأرسل واحدا منهم وأمره أنّه إذا وصل لضريح الشّيخ سيدي طاهر (٦١٩) بشاطئ البحر وكان خارج السور في جهة الجنوب والشرق، وقد صار الآن داخل الربض بجوار الشّيخ النونشي، قال: فإذا وصلت وجدت على شاطئ البحر تربة بيضاء فاملأ منها وعاءك، ففعل التّلميذ ذلك، فلمّا رجع وفتحه وجده دقيقا من خالص الحنطة.

وأرسل تلميذا مرّة لجبل النّور، وهي كدية في الشّمال والشرق من الشّيخ اللّخمي فملأ من ترابه، فوجده من خالص دقيق الحنطة.

وكان يجتمع بالخضر (عليه السّلام) (٦٢٠) في سيدي عبّاس الجديدي، فدعا له ولذرّيته بالبركة.

ومنها أنّ بعض أهل الشّرّ من أهل صفاقس شهدوا / فيه أنّه زنديق وكانوا ثمانين رجلا، وطلبوا الشّيخ الخطيب أبا العبّاس سيدي أحمد الشّرفي أن يشهد معهم، فامتنع من ذلك وقال لهم: نشهد فيه أنّه رجل صالح لا تأخذه في الله لومة لائم، فدعا له الشيخ ولذرّيته بالبركة، ثمّ إنهم كتبوا شهادتهم وأرسلوها إلى السّلطان الحفصي، فلمّا فتح الكتاب وقرأ ما فيه وجد كلمة صدّيق في مكان زنديق، وتبيّن له أنّ كلامهم باطل، فأرسل من يأتيه بتلك الجماعة الذين شهدوا بالزّور، فأطلع الله الشّيخ عليه قبل وصوله، فركب بغيلته وتلقّاه بالكدية، إسم موضع قرب البلد، فلمّا رآه الرّسول عرّفه بصفته، فنزل عن فرسه إكراما للشّيخ وإجلالا له، فسأله عن سبب قدومه فعرّفه أنّه يطلب شهود الزّور ليحضروا بين يدي السّلطان، فقال له الشّيخ: أرجع من هنا فلا تروّع المسلمين، فقال: أخاف من السّلطان، فقال له: لا بأس عليك، فأنا أكتب للسّلطان وأعرّفه أنّي عفوت عنهم وسامحتهم وأتركهم لوجه الله، فامتثل الرّسول وأخذ كتاب الشّيخ وأخبر السّلطان بخبر الشّيخ، فعمل السّلطان بما أخبره به الشّيخ من العفو والصّفح، قيل لم يخلّف أحد من أولائك الشهود عقبا عقوبة من الله.


(٦١٨) يظهر أنه مقلّد لما قاله المناوي في طبقاته، أنظر: جامع كرامات الأولياء ليوسف النبهاني ١/ ٥٣٦، وتوفّي الشّيخ إبن عروس سنة ٨٦٨/ ١٤٦٣ م، أنظر الحقيقة التّاريخية للتّصوّف الإسلامي ص: ٢٧٣ - ٢٧٤.
(٦١٩) لعلّه سيدي الظّاهر وكان في المكان الذي يشير إليه. وقد انقرضت قبور هذا المكان.
(٦٢٠) ما بين القوسين ساقط من بقية الأصول.