للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجمعة للجمعة بقراءة كتب الوعظ والسّير والمغازي والتّحريض على الجهاد وأفعال الطّاعة، كما هو عادة أهل البلد في كلّ جمعة، ويعلّم التّلاميذ من علوم الطّريقة والحقيقة إلى أن انتقل الشّيخ أبو الحسن، فاستقلّ بعده وكتب الشّيخ في حبسه واستخلافه أنّه يقبض دخل الزّاوية، وينفق عليها، ولا حساب عليه، ولا يدخل معه في ذلك أحد، فقام، وكلّما فضل عنده شيء من غلال الحبس إشترى به عقارا للزاوية، فكثر بذلك دخلها، واتّسع حالها، وسار على طريقة شيخه فأنشأ القصائد / وعمل الموشّحات، وخمّس كثيرا من القصائد، ورثاه بعد وفاته تلميذه الشّيخ الصّالح أبو عبد الله محمّد الفرياني بمرثية من جملتها:

[الطّويل]

وبعد ثنائي (٦٥٢) بالجميل تأسّيا ... أردت بمرثاتي الذي كان لي يقري

محمّد المراكشي الّذي سما ... على عصره في الجود والبذل والقدر

له منطق عذب يشوّق من أتى ... لمجلسه المرسوم للوعظ كالعطر

فوفّقه ربّ السّما في حياته ... إلى أن توفّاه الصّفوح عن الوزر

ففي شهر شعبان المعظّم قدره ... عفا عنه ربّ جاد بالصّفح والسّتر

بليلة عشر منه تتلو لتسعة ... توفّاه مولاه قبيل ضيا الفجر

لدى عام ألف وأربعين ومائة (٦٥٣) ... تليها ثمان بالحساب وبالحصر

ورثاه أيضا ولده الشّيخ أبو العبّاس أحمد بمرثية طويلة وقام مقامه بعده بالزّاوية، وكان رجلا رحيما رقيق القلب، ذا حظّ من الفقه، محبّا للفقراء والزوّار، باذلا للطّعام جوّادا:

[البسيط]

لا يألف الدرهم المضروب صرّته ... لكن يمرّ عليها وهو منطلق

ذا خمول وانجماع عن غير أبناء جنسه، ملازما لميعاد الجمعة، ناشرا للعلم بقدر وسعة سائرا على طريقة والده وشيخه إلى أن توفّاه الله سنة تسع وتسعين ومائة وألف (٦٥٤) شهيدا بالطّاعون، فقام أبناؤه مقامه.


(٦٥٢) في بقيّة الأصول: «ثيابي».
(٦٥٣) ٢٦ ديسمبر ١٧٣٥ م.
(٦٥٤) ١٧٨٥ م.