للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووقع مرّة بسوق القيروان على حمارة، وظهر لمن لا يعتقد أنّه يعالج الجماع، وأهل الإعتقاد علموا أنّه لأمر لله أعلم به منهم، فقيّدوا ذلك الوقت فإذا بابن صابر السّوسي قادما من الحجار بهدايا وتحف وبيارق وقال: كنا في البحر فانخرقت المركب وأشرفنا على الهلاك، فاستغثنا الله بسيدي سعيد الوحيشي فإذا به واقف على جانب المركب واضعا فرجه على محلّ الخرق منها فانسدّ الخرق، ونجّانا الله تعالى ببركته، فحسب ما مضى من ذلك الوقت إلى زمن الإخبار فإذا به وقت وقوعه على الحمارة.

ولمّا دخل / المرحومان محمّد باي وأخوه علي باي ولدا مراد باي قال سيدي سعيد لعلي باي: ائتني بولدك مراد، وكان في قماطه، فأحضروه فمسكه بيده وجعل يخاطبه ويقول له: يا مراد يكون خلاء القيروان على يديك، يكون قتل العواني الشريف على يديك، أبعد عن زاويتي، يا مراد تفسد في الأرض، وتقتل الناس ظلما وبغيا، وجعل يذكر شنائعه التي صدرت منه بعد في حال كبره (٧١٢)، فلمّا سمع أبوه بذلك، قال: لو نعلم يقع (٧١٣) هذا منه لقطعت عنقه، فقال له: أتردّ أمرا كان في الكتاب مسطورا؟ فلمّا كبر وقع جميع ما ذكر من شنائع أفعاله.

وروي عن الشيخ الخطيب أبي فارس عبد العزيز الفراتي - رحمه الله تعالى - أنّه كان مجتازا ببعض طرقات القيروان فوجد دكّانا عليه خلق كثير وسيدي سعيد الوحيشي في حال انجذابه، وهو يقرأ آيات من القرآن على غير وجهها، قال: فقلت هذا المجنون هكذا يكسّر كلام الله، فإذا به قد خرج من الحانوت وهو ينادي بأرفع صوته: يرفع كما أنزل يرفع كما أنزل على رغم أنف عبد العزيز الفراتي، قال: فتبت إلى الله ممّا وقع منّي من القول.

وكانت وفاته - رحمه الله تعالى - بمدينة القيروان ليلة الخميس لعشر بقت من شوّال سنة إحدى ومائة وألف (٧١٤).

ومات ولده سيدي أحمد بالقيروان ودفن مع أبيه.


(٧١٢) هو الظّلوم السّفّاك مراد أبو بالة آخر أمراء المراديين.
(٧١٣) في الأصول: «يوقع».
(٧١٤) ٢٧ جويلية ١٦٩٠ م راجع تكميل الصّلحاء والأعيان. . .