للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العربية بأسرها، وبأصول الفقه وفروعه، تفقّه أوّلا بالشّيخ النّوري، ثمّ سافر لمصر ولقي الرّجال (٨٧٠) ورجع لبلده مساكن فأنشأ بها زاوية (٨٧١)، فكانت بقعة مباركة لم تزل عامرة بطلبة الكتاب والسّنّة وبكلّ خير، وأحفاد الشّيخ قائمون عليها فخرج منها فقهاء وصالحون وأنشأ زيتونا كثيرا أوقفه عليها، قال بعضهم: قصدنا الشّيخ بالزّيارة فقالوا لنا: ذهب إلى الغروس بالمكان الفلاني، فذهبنا لنجتمع به (٨٧٢) وكان ذلك عقب مطر، فوصلنا المكان فوجدنا الشّيخ في مكان جالسا يمنع من خروج الماء من الغروس، فلمناه على ذلك، فقال: حبّب إليّ من دنياكم ثلاث: الغروس، وملازمة الدّروس، ومحبّة الملك القدّوس (٨٧٣).

وقال - رحمه الله تعالى -: إنتقلت لبرّ المشرق / على رأس القرن الثّاني عشر، فاجتمعت بمشايخ أكابر أجلّة، وأخذت عنهم جملة من العلوم إجازة وحضورا، منهم سيدي محمّد بن عبد الله بن علي الخريشي البحيري (٨٧٤) تلميذ سيدي علي الأجهوري، ومنهم سيدي إبراهيم الشبرخيتي شارح المختصر والأربعين النووية (٨٧٥)، وألف منظومة في التّوحيد (٨٧٦) شرحها (٨٧٧) شيخنا أبو العباس سيدي أحمد الدمنهوري بمصر.

وأخذ عنه - رحمه الله - عدّة أفاضل وجمّ غفير من سائر النّاس. فمن جملة الفضلاء نجله الشّيخ ابو العبّاس سيدي أحمد، وابن عمّه الشّيخ ابو العبّاس سيدي أحمد الصغير، والشّيخ المفتي أبو عبد الله سيدي محمّد الهدّة السّوسي، والشّيخ المفتي بتونس


(٨٧٠) وحجّ.
(٨٧١) وقيل أنشأها والده والصّحيح أنّه الذي أسّسها سنة ١١٠٤/ ١٦٩٢ - ١٦٩٣ م، كما هو منقوش برخامة في الزاوية.
(٨٧٢) في الأصول: «عليه».
(٨٧٣) مقتبس من الحديث الشّريف المروي عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «حبّب إليّ من دنياكم النّساء والطّيب وجعلت قرة عيني في الصّلاة»، حديث حسن أخرجه الإمام أحمد في الزهد، والنّسائي والحاكم في المستدرك، والبيهقي في السّنن، ومن زاد فيه لفظة ثلاث فقد وهم لأنّ زيادتها مخلّة بالمعنى لأنّ الصّلاة ليست من الدّنيا، ولم تقع هذه الزيادة في شيء من طرق الحديث، وإن جاء كذلك في كتب غير العارفين بالحديث كالغزالي في «الأحياء» (فيض القدير: ١/ ٣٧٠ - ٣٧١).
(٨٧٤) في ب: «البحري»، وفي ط: «الجميري».
(٨٧٥) المؤلّف ناقل عن فهرسة المترجم المخطوطة.
(٨٧٦) تسمّى: «الرياض الخليفية»، توجد منها نسخة في المكتبة الأزهرية ضمن مجموع، وبدار الكتب المصرية.
(٨٧٧) يسمّى هذا الشرح: «المنح الوفية على الرياض الخليفية»، توجد منه نسختان بدار الكتب المصرية، ونسخة بالمكتبة الوطنية بتونس، واختصر هذا الشّرح محمد إبن الحاج حسين منصور الورداني بلدا.