للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: خوف السر وهو أن يخاف من غير اللَّه من وثن أو طاغوت أن يصيبه بما يكره، قال تعالى عن قوم هود إنهم قالوا: {إِن نَّقُولُ إِلَاّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهِ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُون (٥٤) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُون (٥٥)} [هود]. وقال تعالى: {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ} [الزمر: ٣٦].

وهذا الواقع من عبَّاد القبور ونحوها من الأوثان، يخافونها ويخوِّفون بها أهل التوحيد إذا أنكروا عبادتها، وأمروا بإخلاص العبادة للَّه، وهذا ينافي التوحيد.

الثاني: أن يترك الإنسان ما يجب عليه خوفًا من بعض الناس، فهذا محرَّم؛ قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: ١٧٣]. وفي الحديث الذي رواه ابن ماجه من حديث أبي سعيد الخدري رضي اللهُ عنه: أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَامَ خَطِيبًا فَكَانَ فِيمَا قَالَ: «أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلاً هَيْبَةُ النَّاسِ: أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا عَلِمَهُ» قَالَ: فَبَكَى أَبُو سَعِيدٍ، وَقَالَ: قَدْ وَاللَّهِ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ فَهِبْنَا (١).

الثالث: الخوف الطبيعي: وهو الخوف من عدو أو سَبُع أو غير ذلك، وهذا لا يذم؛ قال تعالى عن نبيه موسى: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} [القصص: ٢١]. ومعنى قوله: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ} أي: يخوفكم أولياءه {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين (١٧٥)} [آل عمران]. وهذا نهيٌ من اللَّه تعالى للمؤمنين


(١) ص: ٤٣١ برقم ٤٠٠٧، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح سنن ابن ماجه (٢/ ٣٦٨) برقم ٣٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>