للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يخافوا غيره، وأمرٌ لهم أن يقصروا خوفهم على اللَّه تعالى، فلا يخافون إلا إياه، وهذا هو الإخلاص الذي أمر اللَّه به عباده، ورضيه منهم؛ فإذا أخلصوا له الخوف وجميع العبادة، أعطاهم ما يرجون، وأمَّنهم من مخاوف الدنيا والآخرة، قال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَاد (٣٦)} [الزمر].

قال العلامة ابن القيِّم: ومن كيد عدو اللَّه أن يخوِّف المؤمنين من جنده وأوليائهم، لئلا يجاهدوهم ولا يأمروهم بمعروف، ولا ينهوهم عن منكر، وأخبر تعالى أن هذا من كيد الشيطان وتخويفه، ونهانا أن نخافه.

قال: والمعنى عند جميع المفسرين: يخوفكم بأوليائه، قال قتادة: يعظمهم في صدوركم، فكلما قوي إيمان العبد، زال من قلبه خوف أولياء الشيطان، قال تعالى: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (٧٦)} [النساء]. وكلما ضعف إيمانه، قوي خوفه منهم. فدلَّت هذه الآية على أن إخلاص الخوف: من شروط كمال الإيمان (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الخوف ما حجزك عن محارم اللَّه (٢)؛ قال ابن رجب الحنبلي: القدر الواجب من الخوف ما حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم، فإن زاد على ذلك بحيث صار باعثًا للنفوس على التشمير في نوافل الطاعات،


(١) فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، ص: ٣٩٦ - ٣٩٧.
(٢) مدارج السالكين (١/ ٥٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>