للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والانكفاف عن دقائق المكروهات، والتبسط في فضول المباحات، كان ذلك فضلاً محمودًا (١).

روى الترمذي في سننه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: ٦٠]؛ قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: «لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ» (٢).

وقال أبو علي الروذباري: الخوف والرجاء كجناحي الطائر، إذا استويا استوى الطير وتم طيرانه، وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص، وإذا ذهبا صار الطائر في حد الموت؛ وقال الفضيل بن عياض: الخوف أفضل من الرجاء ما كان الرجل صحيحًا، فإذا نزل الموت فإن الرجاء أفضل (٣).

ويشهد لذلك: ما رواه الترمذي في سننه من حديث أنس بن مالك رضي اللهُ عنه: أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ، فَقَالَ: «كَيْفَ تَجِدُكَ؟ » قَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَرْجُو اللَّهَ وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا


(١) التخويف من النار/ لابن رجب، ص: ٢١.
(٢) ص: ٥٠٤ برقم ٣١٧٥، وصححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود (٣/ ٧٩) برقم ٢٥٣٧.
(٣) التخويف من النار/ لابن رجب، ص: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>