به: فمع ما يحصل لهم من عز الدنيا ونعيمها، لهم جنات تجري من تحتها الأنهار، فلو قُدِّر أنهم في دار الدنيا قد حصل لهم كل بؤس وشقاء، لكان هذا - بالنسبة إلى النعيم المقيم والعيش السليم -: نزرًا يسيرًا ومنحة في صورة محنة، ولهذا قال: {وَمَا عِندَ اللهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَار (١٩٨)}: الذين برت أقوالهم وأفعالهم فأثابهم البر الرحيم من بره أجراً عظيماً وعطاءً جسيماً وفوزاً دائماً. اهـ (١).
ومن فوائد الآيات الكريمات:
أولاً: ألَاّ يغترَّ المؤمن بحال هؤلاء الكفار وما هم فيه من النعمة والغبطة والسرور، فهو متاع زائل يعقبه عذاب أبدي سرمدي، قال تعالى: {أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِين (٦١)} [القصص]. وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُون (٦٩) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُون (٧٠)} [يونس].
روى مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي اللهُ عنه: أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ! هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللَّهِ! يَا رَبِّ! وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ!