للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّهِ! يَا رَبِّ! مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ» (١).

ثانيًا: أن كثرة النعم والخيرات التي يعطيها اللَّه لعبده، ليست دليلاً على محبته، قال تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِين (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَاّ يَشْعُرُون (٥٦)} [المؤمنون]. روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عقبة بن عامر رضي اللهُ عنه: أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ»؛ ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُون (٤٤)} [الأنعام] (٢).

ثالثًا: أن إمهال اللَّه لهؤلاء الكفار وتتابع النعم والخيرات لهم، إنما هو زيادة لهم في عذاب الآخرة، قال تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِين (١٧٨)} [آل عمران]. وقال تعالى: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُون (٥٥)} [التوبة].

رابعًا: أن ما يعطيه اللَّه للكفار من نعم الدنيا، إنما ذلك لهوان الدنيا عنده وحقارتها، وابتلاء لهم وفتنة، كما قال تعالى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُون (٢٠)} [الأحقاف].


(١) ص: ١١٢٩ برقم ٢٨٠٧.
(٢) (٢٨/ ٥٤٧) برقم ١٧٣١١، وقال محققوه: حديث حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>