للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك قال: كان رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ وَالْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ومِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ» (١).

قال ابن القيم رحمه الله: المقصود أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استعاذ من الهم والحزن وهما قرينان، ومن العجز والكسل وهما قرينان، فإن تخلف كمال العبد وصلاحه عنه، إما أن يكون لعدم قدرته عليه فهو عجز، أو يكون قادراً عليه لكن لا يريد فهو كسل، وينشأ عن هاتين الصفتين فوات كل خير وحصول كل شر، ومن ذلك الشر تعطيله عن النفع ببدنه وهو الجبن وعن النفع بماله وهو البخل، ثم ينشأ له بذلك غلبتان غلبة بحق، وهي غلبة الدين، وغلبة بباطل وهي غلبة الرجال، وكل هذه المفاسد ثمرة العجز والكسل (٢) اهـ.

وقال في موضع آخر: أصل المعاصي كلها العجز، فإن العبد يعجز عن أسباب أعمال الطاعات، وعن الأسباب التي تبعده عن المعاصي وتحول بينه وبينها فيقع في المعاصي. فجمع هذا الحديث الشريف في استعاذته صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصول الشر وفروعه ومباديه وغاياته وموارده ومصادره (٣).

قال الشاعر:

وَاحَسْرَتَاه تَقَضَّى العُمُرُ وَانْصَرَمَتْ ... سَاعَاتُهُ بَيْنَ ذُلِّ العَجْزِ والكسلِ


(١) ص: ١٠٨٥ برقم ٢٧٠٦.
(٢) زاد المعاد (٢/ ٣٦٤ - ٣٦٢).
(٣) زاد المعاد (٢/ ٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>