للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقومُ قَدْ أَخَذُوا دَرْبَ النَّجَاةِ وقَدْ ... سَارُوا إِلَى المطلَبِ الأَعْلَى عَلَى مَهْلِ

وقد حث النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمته على العمل والمسارعة إلى الخيرات والبعد عن العجز والتكاسل، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» (١).

قال النووي رحمه الله: والمراد بالقوة عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقداماً على العدو في الجهاد وأسرع خروجاً إليه وذهاباً في طلبه وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على الأذى في كل ذلك واحتمال المشاق في ذات اللَّه تعالى وأرغب في الصلاة والصوم، والأذكار وسائر العبادات وأنشط طلباً لها ومحافظة عليها ونحو ذلك. وقوله: «احرص على ما ينفعك واستعن باللَّه ولا تعجز» معناه: احرص على طاعة اللَّه تعالى والرغبة فيما عنده واطلب الإعانة من اللَّه تعالى ولا تعجز ولا تكسل عن طلب الطاعة ولا عن طلب الإعانة (٢) اهـ.

قال الراغب الأصفهاني: وتأمل حال مريم عليها السلام وقد جعل لها من الرطب الجني ما كفاها مؤونة الطلب، وفيه أعظم معجزة فإنه لم يخلها من أن يأمرها بهزها، فقال تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ


(١) ص: ١٠٦٩ برقم ٢٦٦٤.
(٢) شرح صحيح مسلم للنووي (٦/ ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>