للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الذِّكرِ عِندَهَا» (١).

وفي رواية أخرى عن جابر قال: كان المسجد مسقوفاً على جذوع من نخل، فكان النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا خطب يقوم إلى جذع منها، فلما صُنع له المنبر وكان عليه، فسمعنا لذلك الجذع صوتاً كصوت العشار (٢)، حتى جاء النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فوضع يده عليها فَسَكَنَتْ (٣). وفي رواية من حديث ابن عباس: «وَلَو لَم أَحتَضِنهُ لَحَنَّ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ» (٤).

قال الشافعي: ما أعطى اللَّه نبياً ما أُعطي محمداً صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقيل له: أُعطي عيسى إحياء الموتى، فقال: أعطي محمد حنين الجذع حتى سمع صوته فهذا أكبر من ذلك (٥) اهـ. وذلك لأن هذا إحياء ما ليس من نوعه الحياة مع ما فيه من الاشتياق والبكاء عليه، بخلاف ما أُعطي لعيسى، قال ابن حجر: في الحديث دلالة على أن الجمادات قد يخلق اللَّه لها إدراكاً كالحيوان بل كأشرف الحيوان (٦)، وكان الحسن البصري إذا حدث بهذا الحديث يقول: «يا معشر المسلمين الخشبة تحن إلى رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شوقاً إلى لقائه، وأنتم أحق أن تشتاقوا إليه» (٧).


(١) ص: ٦٨٦ برقم ٣٥٨٤.
(٢) العشار: جمع عشراء وهي الناقة التي أتى عليها عشرة أشهر من حملها؛ جامع الأصول (١١/ ٣٣٣).
(٣) ص: ٦٨٦ برقم ٣٥٨٥.
(٤) رواه أحمد في مسنده (٤/ ١٠٧) برقم ٢٢٣٦، قال ابن كثير: هذا الإسناد على شرط مسلم؛ البداية والنهاية (٨/ ٦٨١).
(٥) فتح الباري (٦/ ٦٠٣).
(٦) فتح الباري (٦/ ٦٠٣).
(٧) فتح الباري (٦/ ٦٠٢ - ٦٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>