للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً: أن اللَّه عزَّ وجلَّ هو عالم الغيب والشهادة لا يخفى عليه شيء وإن دق وصغر، فهو سبحانه شهيد على العباد وأفعالهم ليس بغائب عنهم، كما قال سبحانه: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِين (٦) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِين (٧)} [الأعراف]. فينبغي لكل عامل أراد عملاً صغر العمل أو كبر أن يقف وقفة عند دخوله فيه فيعلم أن اللَّه شهيد عليه فيحاسب نفسه فإن كان دخوله فيه للَّه مضى فيه، وإلا رد نفسه عن الدخول فيه وتركه (١).

وقال تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَانٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَاّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَاّ فِي كِتَابٍ مُّبِين (٦١)} [يونس].

روى البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي اللهُ عنهما قال: خطب رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا» ثم قال: {كَمَا بَدَانَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِين (١٠٤)} [الأنبياء]. ثم قال: «أَلَا وَإِنَّ أَوَّلَ الخَلَائِقِ يُكسَى يَومَ القِيَامَةِ إِبرَاهِيمُ، أَلَا وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِن أُمَّتِي فَيُؤخَذُ بِهِم ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُصَيحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدرِي مَا أَحدَثُوا بَعدَكَ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ العَبدُ الصَّالِحُ: {وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد (١١٧)}


(١) النهج الأسمى في شرح أسماء اللَّه الحسنى (١/ ٤٤٣): نقلاً عن كتاب الحجة في بيان المحجة للأصبهاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>