للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم حسنة وسوء ظن بأنفسهم أن لا يكونوا قد قاموا بحق اللَّه وخوفاً على إيمانهم من الزوال، ومعرفة منهم بربهم وما يستحقه من الإجلال والإكرام، وخوفهم وإشفاقهم يوجب لهم الكف عما يوجب الأمر المخوف من الذنوب والتقصير في الواجبات (١).

ولقد كان أصحاب رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع اجتهادهم في الأعمال الصالحة يخشون أن تحبط أعمالهم وألا تقبل منهم لرسوخ علمهم وعميق إيمانهم، قال أبوالدرداء: لئن أعلم أن اللَّه تقبل مني ركعتين أحب إلي من الدنيا وما فيها لأن اللَّه يقول: {قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِين (٢٧)} [المائدة].

روى البخاري في صحيحه من حديث أبي بردة ابن أبي موسى الأشعري قال: قال عبد اللَّه بن عمر: هل تدري ما قال أبي لأبيك؟ قال: فقلت: لا، قال: قال أبي لأبيك: يا أبا موسى هل يسرك إسلامنا مع رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهجرتنا معه وجهادنا معه وعملنا كله معه برد لنا وأن كل عمل عملناه بعد نجونا منه كفافًا رأساً براس؟ فقال أبي: لا واللَّه قد جاهدنا مع رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وصلينا وصمنا وعملنا خيراً كثيراً وأسلم على أيدينا بشر كثير وإنا لنرجو ذلك، فقال أبي: لكني أنا والذي نفس عمر بيده لوددت أن ذلك برد لنا وأن كل شيء عملناه بعد نجونا منه كفافاً رأساً برأس فقلت: إن أباك واللَّه خير من أبي (٢).

قال ابن حجر: والقائل هو أبو بردة وخاطب بذلك ابن عمر فأراد


(١) تفسير ابن سعدي ص: ٥٢٦.
(٢) ص: ٧٤٥ برقم ٣٩١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>