للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منعته خشيته من اللَّه أن ينتهك محارم اللَّه، ولهذا قال: «مَا يَحُولُ بَينَنَا وَبَينَ مَعَاصِيكَ».

قوله: «وَمِن طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ»: يعني واقسم لنا من طاعتك ما تبلغنا به جنتك فإن الجنة طريقها طاعة اللَّه عزَّ وجلَّ، فإذا وُفق العبد بخشية اللَّه واجتناب محارمه والقيام بطاعته نجا من النار ودخل الجنة بطاعته.

قوله: «وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَينَا مُصِيبَاتِ الدُّنيَا»، اليقين هو أعلى درجات الإيمان لأنه إيمان لا شك معه ولا تردد، تتيقن ما غاب عنك كما تشاهد من حضر بين يديك، قال ابن مسعود: اليقين هو الإيمان كله؛ فإذا كان عند الإنسان يقين تام بما أخبر اللَّه تعالى من أمور الغيب فيما يتعلق باللَّه عزَّ وجلَّ أو بأسمائه أو صفاته أو اليوم الآخر وغير ذلك وصار ما أخبر اللَّه به من الغيب عنده بمنزلة الشاهد فهذا هو كمال اليقين، والدنيا فيها مصائب كثيرة، لكن هذه المصائب إذا كان عند الإنسان يقين تام أنه يكفر بها من سيئاته ويُرفع بها من درجاته إذا صبر واحتسب الأجر من اللَّه، هانت عليه المصائب وسهلت عليه المحن مهما عظمت سواء كانت في بدنه أو في أهله أو في ماله. روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال: لما نزلت: {مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: ١٢٣] بلغت من المسلمين مبلغاً شديداً فقال رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «قَارِبُوا وَسَدِّدُوا، فَفِي كُلِّ مَا يُصَابُ بِهِ المُسلِمُ كَفَّارَةٌ، حَتَّى النَّكبَةِ يُنكَبُهَا أَوِ الشَّوكَةِ يُشَاكُهَا» (١).


(١) ص: ١٠٣٩ برقم ٢٥٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>