للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: «مَتِّعنَا بِأَسمَاعِنَا وَأَبصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحيَيتَنَا»: أي اجعلنا متمتعين ومنتفعين بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا أي بأن نستعملها في طاعتك.

قال ابن الملك: التمتع بالسمع والبصر إبقاؤهما صحيحين إلى الموت وإنما خص السمع والبصر بالتمتيع من الحواس لأن الدلائل الموصلة إلى معرفة اللَّه وتوحيده إنما تحصل من طريقها لأن البراهين إنما تكون مأخوذة من الآيات القرآنية وذلك بطريق السمع أو من الآيات الكونية في الآفاق والأنفس بطريق البصر، والإنسان إذا تمتع بهذه الحواس حصل على خير كثير وإذا افتقدها فاته خير كثير، قال تعالى: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُون (٢٣)} [الملك].

كان بعض العلماء قد جاوز المئة سنة وهو متمتع بقوته وعقله فوثب يوماً وثبة شديدة فعوتب في ذلك، فقال: هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر، فحفظها اللَّه علينا في الكبر (١).

قوله: «وَاجعَلهُ الوَارِثَ مِنَّا»: واجعله أي المذكور من الأسماع والأبصار والقوة، (الوارث) أي الباقي بأن يبقى إلى الموت.

قوله: «وَاجعَل ثَأرَنَا عَلَى مَن ظَلَمَنَا». أي اجعلنا نستأثر وتكون لنا الأثرة على من ظلمنا بحيث تقتص لنا منه إما بأشياء تصيبه في الدنيا أو في الآخرة، قال تعالى: {لَاّ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَاّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (١٤٨)} [النساء]. وفي الصحيحين


(١) جامع العلوم والحكم ص: ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>