للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ» تأدباً مع اللَّه (١) (٢).

قوله تعالى: {إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا (٤٠)} [النبأ]. أي تعرض عليه جميع أعماله خيرها وشرها قديمها وحديثها كقوله تعالى: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (٤٩)} [الكهف]. وكقوله تعالى: {يُنَبَّأُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّر (١٣)} [القيامة]. وجاء في وصف هذا العذاب بأنه قريب فكل ما هو آت فهو قريب، قال بعض المفسّرين: إنه يشمل عذاب الآخرة والموت والقيامة لأن من مات فقد قامت قيامته فإن كان من أهل الجنة رأى مقعده من الجنة وإن كان من أهل النار رأى مقعده من النار (٣).

قوله تعالى: {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا (٤٠)}: أي: يود الكافر يومئذ أنه كان في الدنيا تراباً ولم يكن خُلق ولا خرج إلى الوجود وذلك حين عاين عذاب اللَّه ونظر إلى أعماله الفاسدة. قد سطرت عليه بأيدي الملائكة السفرة الكرام البررة، وقيل: إنما يود ذلك حين يحكم اللَّه بين الحيوانات التي كانت في الدنيا فيفصل بينها بحكمه العادل الذي لا يجور حتى إنه ليقتص للشاة الجماء من القرناء فإذا فرغ من الحكم بينها قال لها: كوني تراباً فتصير تراباً فعند ذلك يقول الكافر: {يَالَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا (٤٠)} (٤)، وذكر ابن جرير في تفسيره آثاراً عن الصحابة


(١) تفسير القرطبي (٢٢/ ٣٣).
(٢) صحيح مسلم ص: ٣٠٥ برقم ٧٧١.
(٣) تفسير القرطبي (٢٢/ ٣٣).
(٤) تفسير ابن كثير (١٤/ ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>