للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [هود: ١٠٥].

قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَاّ يَتَكَلَّمُونَ إِلَاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (٣٨)} أي: لا أحد يتكلم لا الملائكة ولا غيرهم كما قال تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَت الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَاّ هَمْسًا (١٠٨)} [طه]. وقد اختلف المفسرون بالمراد بالروح فقيل: إنهم بنو آدم، وقيل: جبريل كما قال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِين (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِين (١٩٤)} [الشعراء]. وقيل: القرآن وقيل: ملك من الملائكة يقدر بجميع المخلوقات، وقيل غير ذلك ورجح جمع من المفسّرين أنه جبريل عليه السَّلام. {إِلَاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ}: أي بالكلام وقال قولاً صواباً وذلك بالشفاعة إذا أذن اللَّه لأحد أن يشفع شفع فيما أُذن له فيه على حسب ما أذن له.

روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُلُ وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ» (١).

قوله تعالى: {ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا (٣٩)}. أي الكائن المتحقق لا محالة، فمن شاء اتخذ إلى ربه مآباً. قال القرطبي: أي مرجعاً بالعمل الصالح كأنه إذا عمل خيراً رده إلى اللَّه عزَّ وجلَّ وإذا عمل شراً عده منه وننظر إلى هذا المعنى في قوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «وَالْخَيْرُ كُلُّهُ


(١) ص: ١٤١٧ رقم ٧٤٣٧، وصحيح مسلم ص: ٩٩ رقم ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>