للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتأمل ختم هذه الآية باسمين من أسمائه وهما (الحليم والغفور) كيف تجد تحت ذلك أنه لولا حلمه عن الجُناة ومغفرته للعصاة، لما استقرت السماوات والأرض؟ (١).

وفي الآية إشعار بأن السماوات والأرض تهم وتستأذن بالزوال لعظم ما يأتي به العباد، فيمسكهما بحلمه ومغفرته (٢).

رابعاً: حلم الله عظيم يتجلى في صبره سبحانه على خلقه، والصبر داخل تحت الحلم فكل حليم صابر، وقد جاء في السنة وصف الله تعالى بالصبر.

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي موسى الأشعري رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «لَيْسَ أَحَدٌ، أَوْ لَيْسَ شَيْءٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ لَيَدْعُونَ لَهُ وَلَدًا، وَإِنَّهُ لَيُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ» (٣).

وهو سبحانه أعظم العظماء، وملك الملوك، وأكرم الأكرمين وإحسانه فوق كل إحسان مع هذا الشتم له والتكذيب يرزق الشاتم المكذب ويُعَافيه ويدفع عنه، ويدعوه إلى جنته ويقبل توبته إذا تاب إليه ويبدله بسيئاته حسنات، ويتلطف به في جميع أحواله، ويؤهله لإرسال رسله إليه ويأمرهم بأن يُلَيِّنُوا له القول ويرفُقُوا به، فأيُّ حلم أعظمُ من هذا؟ ! (٤).


(١) الأسماء الحسنى والصفات العلى للشيخ عبد الهادي وهبي (ص: ٢٢٢ - ٢٢٣).
(٢) عدة الصابرين (ص: ٢٣٧).
(٣) صحيح البخاري برقم ٦٠٩٩، وصحيح مسلم برقم ٢٨٠٤.
(٤) شفاء العليل (٢/ ٦٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>