للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان السلف يفرح أحدهم بالبلاء، كما يفرح أحدنا بالرخاء.

ومنها أن يكونَ المرض سبباً لرفع منزلة المريض في الآخرة، روى ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «إِنَّّ الرَّجُلَ تَكُونُ لَهُ المَنزِلَةُ عِندَ اللهِ فَمَا يَبلُغُهَا بِعَمَلٍ، فَلَا يَزَالُ يَبتَلِيهِ بِمَا يَكرَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ ذَلِكَ» (١).

وروى الترمذي في سننه من حديث جابر رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ الْبَلَاءِ الثَّوَابَ، لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ» (٢).

ونبينا محمد صلى اللهُ عليه وسلم سيد الأولين والآخرين، والمغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ابتلي بالمرض رِفعَةً لدرجاته، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبد الله بن مسعود رضي اللهُ عنه قال: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَهُوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، فَمَسَسْتُهُ بيَديِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم: «أَجَلْ، إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ»، فَقُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم: «أَجَلْ» (٣).

بل إن النبي صلى اللهُ عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه أُغمي عليه ثلاث مرات،


(١) صحيح ابن حبان برقم ٢٨٩٧ والحاكم (١/ ٦٦٤) برقم ١٣١٤ وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم ١٥٩٩.
(٢) برقم ٢٤٠٢ وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (٢/ ٢٨٧) برقم ١٩٦٠.
(٣) برقم ٥٦٦٧ وصحيح مسلم برقم ٢٥٧١ واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>