للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبا طالب؛ أرأيت محمد يؤذينا في نادينا، وفي مسجدنا، فانهه عن أذانا، فقال: يا عقيل ائتني بمحمد، فذهبت فأتيته به، فقال: يا ابن أخي! إن بني عمك زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم وفي مسجدهم، فانته عن ذلك، قال: فلحظ رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم ببصره (وفي رواية: فعلق رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم ببصره) إلى السماء، فقال: «مَا أَنَا بِأَقْدَرَ عَلَى أَنْ أَرُدَّ ذَلِكَ مِنكُم عَلَى أَن تُشعِلُوا مِنهَا شُعلَةً - يعني: الشمس -» قال: فقال أبو طالب: والله ما كذبنا ابن أخي قط، فارجعوا (١).

وروى البخاري في صحيحه وأحمد في مسنده من حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال في صلح الحديبية: «يَا وَيحَ قُرَيشٍ، لَقَد أَكَلَتهُمُ الحَربُ، مَاذَا عَلَيهِم لَو خَلَّوْا بَينِي وَبَينَ سَائِرِ النَّاسِ، فَإِنْ أَصَابُونِي كَانَ الَّذِي أَرَادُوا، وَإِنْ أَظهَرَنِي اللهُ عَلَيهِم، دَخَلُوا فِي الإِسلَامِ وَهُم وَافِرُونَ، وَإِنْ لَم يَفعَلُوا (٢)، قَاتَلُوا وَبِهِم قُوَّةٌ، فَمَاذَا تَظُنُّ قُرَيشٌ، وَاللَّهِ إِنِّي لَا أَزَالُ أُجَاهِدُهُم عَلَى الَّذِي بَعَثَنِي اللهُ لَهُ حَتَّى يُظهِرَهُ اللهُ لَهُ، أَو تَنفَرِدَ هَذِهِ السَّالِفَةُ (٣)» (٤).

ومن مواقف أصحاب الإرادات القوية التي تُذكر وتُشكر، موقف


(١) أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (٧/ ٥١) برقم (٢٣٠) وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم ٩٢.
(٢) أي ما دخلوا في الإسلام عند غلبتي على سائر العرب، بل اختاروا القتال على دخول الإسلام.
(٣) السالفة: صفحة العنق، والمراد أو أموت.
(٤) صحيح البخاري برقم ٢٧٣١ - ٢٧٣٢) ومسند الإمام أحمد (٣١/ ٢١٢) برقم ١٨٩١٠ وقال محققوه إسناده حسن واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>