للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الرمضاء بالنار» (١).

ثم قال سبحانه: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} قال ابن عباس رضي اللهُ عنهما: «الدنيا قليل، فليضحكوا فيها ما شاؤوا، فإذا انقطعت الدنيا، وصاروا إلى الله عزَّ وجلَّ استأنفوا بكاء لا ينقطع أبداً» (٢).

ومن فوائد الآية الكريمة:

أولاً: أن المنافقين في كل عصر وزمان دَيدَنُهُم تثبيط المؤمنين عن الجهاد، وأداء الطاعات مهما كانت يسيرة، كما قال تعالى: {وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لَاّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ} [آل عمران: ١٦٧].

وقال تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِين} [آل عمران: ١٦٨].

ثانياً: أن الله ذم المنافقين ليس بقعودهم عن الجهاد فقط، ولكن بفرحهم أيضاً بهذا التخلف، فإن الفرح بالمعصية أعظم من المعصية.

ثالثاً: أن الله قَدَّمَ الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس في هذه الآية، وفي آيات أخرى، كما في قوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون} [التوبة: ٤١]. قال العلماء: وذلك لأهمية المال في دعم الجهاد، ولا يمكن أن يقوم الجهاد بدون مال.


(١) تفسير ابن كثير (٧/ ٢٥٢).
(٢) المصدر السابق (٧/ ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>