للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعاً: دلَّت الآية الكريمة أن الفقيه هو الذي يتقي البلاء الأكبر بالأصغر، والمنافقون لما كانوا لا يفقهون عكسوا ذلك بفرارهم من حر الرمضاء إلى حر جهنم، وفي هذا المعنى يقول تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت: ١٠].

فنار جهنم أشد وحرها أعظم من حر الدنيا، بل هي أضعاف نار الدنيا، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ، جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ»، قَالُوا: وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ ! قَالَ: «فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهَا مِثْلُ حَرِّهَا» (١).

خامساً: أن من الكفار والعصاة من يرتكبون المعاصي والذنوب، وهم يضحكون، ويلعبون، ولكن هذا الضحك ينقلب يوم القيامة بكاء وحسرات، روى الحاكم في المستدرك من حديث عبد الله بن قيس رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: «إِنَّ أَهلَ النَّارِ لَيَبكُونَ، حَتَّى لَو أُجرِيَتِ السُّفُنُ فِي دُمُوعِهِم لَجَرَت، وَإِنَّهُم لَيَبكُونَ الدَّمَ - يعني مكان الدمع -» (٢).

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


(١) برقم ٣٢٦٥ وصحيح مسلم برقم ٢٨٤٣.
(٢) (٥/ ٨٣١) برقم ٨٨٢٧ وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وصححه الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة برقم ١٦٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>