للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزمخشري: هذه الكلمة وهي {بُعْثِرَ}، مأخوذة من أصلين: البعث والنثر، فالبعث خروجهم أحياء، والنثر: الانتشار كنثر الحب، فهي تدل على بعثهم منتشرين (١)، كقوله {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِر ٧)} [القمر: ٧]. وكقوله: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوث (٤)} [القارعة: ٤].

قَولُهُ تَعَالَى: {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُور (١٠)} قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: أي: ظهر وبان ما فيها من كمائن الخير والشر فصار السر علانية والباطن ظاهرًا (٢)، قال الشاعر:

وَكُلُّ امْرِئٍ يَوْمًا سَيَعْلَمُ سَعْيَهُ

إِذَا حُصِّلَتْ عِنْدَ الإِلَهِ الَحَصائِلُ

قَولُهُ تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِير (١١)}. {يَوْمَئِذٍ}: أي: يوم القيامة المتقدم ذكره في قوله: {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُور (٩)}. والخبير: هو الله تعالى، وهو أخص من العليم لأنه في ذلك يقع الجزاء على ما اشتملت عليه القلوب من الأسرار والخفايا التي لا يعلمها إلا هو، وقد جمع الله بينهما في قَولِهِ تَعَالَى: {قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِير (٣)} [التحريم: ٣].

ومن فوائد السورة الكريمة وحكمها العظيمة:

أولًا: أَقْسَمَ الله تعالى بالخيل العاديات، والله لا يقسم إلا


(١) «تتمة أضواء البيان» (٩/ ٢٤٨) [دار الكتب العلمية]، لعطيَّة سالم. ولم أجده في تفسير الزمخشري.
(٢) «تفسير ابن سعدي» (ص: ٨٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>