فإذا أصاب أحدهم حجر منها خرج به الجدري، وكان الحجر كالحمصة وفوق العدسة.
قَولُهُ تَعَالَى: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّاكُول (٥)} أي: كورق الزرع إذا أكلته الدواب فرمت به من أسفل، وقيل: المعنى صاروا كورق زرع قد أكلت منه الدواب وبقي منه التبن.
والمعنى أن الله سبحانه وتعالى أهلكهم ودمرهم بكيدهم وغيظهم لم ينالوا خيرًا، وأهلك عامتهم ولم يرجع منهم مخبر إلا وهو جريح كما جرى لملكهم أبرهه، فإنه انصدع صدره عن قلبه حين وصل إلى بلده صنعاء وأخبرهم بما جرى لهم ثم مات.
ومن فوائد السورة الكريمة:
أولًا: أن هذه نهاية كل طاغية يحارب الله ويستحل حرماته، قَالَ تَعَالَى: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم (٢٥)} [الحج: ٢٥]. وفي الصحيحين مِن حَدِيثِ أَبِي مُوسَى رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيد (١٠٢)} [هود: ١٠٢]» (١).
ثانيًا: قدرة الله العظيمة، فهو القادر على كل شيء، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون (٨٢)} [يس: ٨٢]، وقَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَاّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَر (٥٠)} [القمر:
(١) «صحيح البخاري» (برقم ٤٦٨٦)، و «صحيح مسلم» (برقم ٢٥٨٣).