للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتأني فيها، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: ومن أسمائه تعالى (الرفيق) في أفعاله وشرعه، ومن تأمل ما احتوى عليه شرعه من الرفق، وشرع الأحكام شيئًا بعد شيء وجريانها على وجه السداد، واليسر، ومناسبة العباد وما في خلقه من الحكمة، إذ خلق الخلق أطوارًا ونقلهم من حالة إلى أخرى بحكم وأسرار لا تحيط بها العقول، وهو تعالى يحب من عباده: أهل الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، والرفق من العبد لا ينافي الحزم، فيكون رفيقًا في أموره متأنيًا ومع ذلك لا يفوت الفرص إذا سنحت، ولا يهملها إذا عرضت (١).

قال ابن القيِّم:

وَهُوَ الرَّفِيقُ يُحِبُّ أَهْلَ الرِّفْقِ بَلْ

يُعْطِيْهِمُ بِالرِّفْقِ فَوْقَ أَمَانِ

والرفق من أفضل الأخلاق، وأجلها، وأعظمها قدرًا، وأكثرها نفعًا، فلا يكون في شيء إلا زيَّنه وجمَّله، وحسَّنه، ولا ينزع من شيء إلا شانه، وعابه وقبحه، روى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ» (٢).

ومن آتاه اللهُ الرِّفقَ فقد أعطاه خيرًا عظيمًا من الثناء الحسن، والتوفيق، وصلاح البال، وطمأنينة النفس، ونيل المطالب،


(١) «تفسير أسماء الله الحسنى» (ص: ٢٠٦ - ٢٠٧).
(٢) «صحيح مسلم» (برقم ٢٥٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>