للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحقيق المآرب، وفي الآخرة أجر عظيم، وثواب جزيل، ذلك بأن المتأني الذي يأتي الأمور بسكينة، ورفق اتباعًا لسنن الله في الكون، واتباعًا لنبيه محمد صلى اللهُ عليه وسلم، فإنَّ من كان هذا هديه وطريقه؛ تيسر له الأمور، وبالأخص الذي يحتاج إلى أمر الناس، ونهيهم، وإرشادهم، فإنه مضطر إلى الرفق واللين.

وكذلك من آذاه الخَلْقُ بالأقوال البشعة، وصان لسانه عن مشاتمتهم ودافع عن نفسه برفق ولين، اندفع عنه من أذاهم ما لا يندفع بمقابلتهم بمثل مقالهم وفعالهم، ومع ذلك فقد كسب الراحة، والطمأنينة، والرزانة، والحلم، فما أطيب عيشه! وما أنعم باله! وما أقر عينه! (١).

وأخبر النبي صلى اللهُ عليه وسلم أن دخول الرفق على أهل بيت علامة خير، روى الإمام أحمد في مسنده مِن حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: «يَا عَائِشَةُ ارْفُقِي، فَإِنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا، دَلَّهُمْ عَلَى بَابِ الرِّفْقِ» (٢).

وَكَانَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم من أكثر الناس رفقًا بأصحابه، روى البخاري ومسلم مِن حَدِيثِ مَالِكِ بنِ الحُوَيرِثِ رضي اللهُ عنه قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رَحِيمًا رَفِيقًا، فَلَمَّا رَأَى شَوْقَنَا إِلَى أَهَالِينَا قَالَ: ارْجِعُوا فَكُونُوا فِيهِمْ، وَعَلِّمُوهُمْ وَصَلُّوا،


(١) «مجموع مؤلفات الشيخ ابن سعدي»، قسم العقيدة (٦/ ٥٣٦).
(٢) «مسند الإمام أحمد» (٤١/ ٢٥٥) (برقم ٢٤٧٣٤)، وقال محققوه: إسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>