قال نعيم بن حماد: كان ابن المبارك إذا قرأ كتاب الرقاق يصير كأنه ثور منحور، أو بقرة منحورة من البكاء لا يجترئ أحد منا أن يسأله عن شيء إلا دفعه.
وروى غير واحد أن ابن المبارك قيل له: إلى متى تكتب العلم؟ قال: لعل الكلمة التي أنتفع بها لم أكتبها بعد.
وكان عبد الله غنيًّا شاكرًا كريمًا، قال سلمة بن سليمان: جاء رجل إلى ابن المبارك فسأله أن يقضي دينًا عليه، فكتب له إلى وكيل له، فلما ورد عليه الكتاب قال له الوكيل: كم الدين الذي سألته قضاءه؟ قال: سبع مئة درهم، وإذا عبد الله قد كتب له أن يعطيه سبعة آلاف درهم، فراجعه الوكيل وقال: إن الغلات قد فنيت، فكتب إليه عبد الله إن كانت الغلات قد فنيت، فإن العمر أيضًا قد فني، فأجز له ما سبق به قلمي.
وكان يقول للفضيل: لولاك وأصحابك ما اتجرت، وكان ينفق على الفقراء في كل سنة مئة ألف درهم.
قال علي بن الفضيل: سمعت أبي يقول لابن المبارك: أنت تأمرنا بالزهد والتقلل، والبلغة، ونراك تأتي بالبضائع، كيف ذا؟ قال: يا أبا علي إنما أفعل ذا لأصون وجهي، وأُكرم عرضي، وأستعين به على طاعة ربي، قال: يا ابن المبارك ما أحسن ذا إن تم ذا.
قال محمد بن عيسى: كان ابن المبارك كثير الاختلاف إلى