للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طرسوس؛ وكان ينزل الرقة في خان، فكان شاب يختلف إليه، ويقوم بحوائجه، ويسمع منه الحديث، فقدم عبد الله مرة فلم يره فخرج في النفير مستعجلًا، فلما رجع سأل عن الشاب فقيل: محبوس على عشرة آلاف درهم، فاستدل على الغريم ووزن له عشرة آلاف وحلفه ألا يخبر أحدًا ما عاش، فَأُخْرِجَ الرجل وسَرَى ابن المبارك، فَلَحِقَه الفتى على مرحلتين من الرقة، فقال: يا فتى أين كنت لم أرك؟ قال: يا أبا عبد الله كنت محبوسًا بدين، قال: وكيف خلصت؟ قال: جاء رجل فقضى ديني ولم أَدْرِ، قال: فاحمد الله، ولم يعلم الرجل إلا بعد موت عبد الله.

وكان ابن المبارك إذا كان وقت الحج اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو فيقولون: نصحبك، فيقول: هاتوا نفقاتكم، فيأخذ نفقاتهم فيجعلها في صندوق ويقفل عليها، ثم يكتري لهم ويخرجهم من مرو إلى بغداد فلا يزال ينفق عليهم، ويطعمهم أطيب الطعام، وأطيب الحلوى، ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي، وأكمل مروءة حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صلى اللهُ عليه وسلم فيقول لكل واحد: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيقول: كذا وكذا، ثم يخرجهم إلى مكة، فإذا قضوا حجهم قال لكل واحد منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا، فيشتري لهم، ثم يخرجهم من مكة، فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو فيجصص بيوتهم، وأبوابهم، فإذا كان بعد ثلاثة أيام، عمل لهم وليمة وكساهم، فإذا أكلوا وسُرُّوا دعا بالصندوق، ففتحه ودفع إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>