للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبادة الله وتوحيده وطاعته، ولهذا يسمى الفيء لرجوعه إلى من كان أحق به، ولأجله خُلِقَ.

قال تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالاً طَيِّبًا} [الأنفال: ٦٩]، وهذا مما خص الله به محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وأمته، فإنه أحل لهم الغنائم.

قوله: «وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي» هذا يدل على أن العز والرفعة في الدنيا والآخرة بمتابعة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لامتثال متابعة أمر الله تعالى، قال تعالى: {وَللهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: ٨]، وقال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ العِزَّةَ فَللهِ العِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: ١٠]، فالذلة والصغار تحصل بمخالفة أمر الله، والمخالفون لأمر الله ورسوله ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:

الأول: مخالفة من لا يعتقد طاعة أمره، كمخالفة الكفار وأهل الكتاب الذين لا يرون طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهم تحت الذلة والصغار، ولهذا أمر الله بقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وضرب على اليهود الذلة والمسكنة لأن كفرهم بالرسول - صلى الله عليه وسلم - كفر عناد.

الثاني: من اعتقد طاعته ثم يخالف أمره بالمعاصي التي يعتقد أنها معصية، فله نصيب من الذل والصغار.

قال الحسن البصري: «إِنَّهُم وَإِنْ طَقْطَقَتْ بِهِمُ الْبِغَالُ، وَهَمْلَجَتْ بِهِمُ الْبَرَاذِينُ، إِنَّ ذُلَّ الْمَعْصِيَةِ لَفِي قُلُوبِهِمْ، أَبَى اللهُ إِلَاّ أَنْ يُذِلَّ مَنْ عَصَاهُ»، وقال الإِمام أحمد بن حنبل: اللهم أعزنا بالطاعة ولا تذلنا بالمعصية، قال الشاعر أبو العتاهية:

أَلَا إِنَّما التَّقْوى هِيَ العِزُّ والْكَرَمُ ... وِحُبُكَ لِلدُّنْيَا هَو الذلُ والسَّقَمُ

وَليْسَ عَلَى عبدٍ تَقِيٍ نَقِيصَةً ... إِذا حَقَقَ التَّقْوَى وَإِنْ حَاكَ أَوْ حَجَمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>