للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت وفاته بقلعة دمشق بعد الصبح من يوم الأربعاء السابع والعشرين من صفر سنة تسع وثمانين وخمس مئة، قال الذهبي: فوجد الناس عليه شبيهًا بما يجدونه على الأنبياء، وما رأيت ملكًا حزن الناس لموته سواه، لأنه كان محببًا، يحبه البر والفاجر، والمسلم والكافر، ولقد صدق العماد في مدحه حيث يقول:

وَلِلنَّاسِ بِالمَلِكِ النَّاصِرِ الصَّلَا

حِ صَلَاحٌ وَنَصرٌ كَبِيرُ

هُوَ الشَّمسُ أَفلَاكُهُ فِي البِلَا

دِ وَمَطلَعُهُ سَرْجُهُ وَالسَّرِيرُ

إِذَا مَا سَطَا أَو حَبَا وَاحتَبَى

فَمَا اللَّيثُ مِن حَاتِمٍ مَا ثَبِيْرُ (١)

قال العماد وغيره: لم يترك في خزانته من الذهب سوى دينار واحد، وستة وثلاثين درهمًا، وقال غيره: سبعة وأربعين دينار، ولم يترك دارًا ولا عقارًا، ولا مزرعة، ولا بستانًا، ولا شيئًا من أنواع الأملاك، وإنما لم يخلف أموالًا، ولا أملاكًا لكثرة عطاياه وهباته وصدقاته وإحسانه إلى أُمرائه ووزرائه وأوليائه حتى إلى أعدائه.

وكتب القاضي الفاضل تعزية إلى صاحب حلب ابن صلاح الدين الأيوبي: قَالَ تَعَالَى: «{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} وقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيم (١)} كتبت إلى مولانا الملك الظاهر أحسن الله عزاءه وجبر مصابه وجعل فيه الخلف من السلف في الساعة المذكورة وقد زلزل المسلمون زلزالًا شديدًا، وقد حضرت الدموع المحاجر وبلغت القلوب


(١) «سير أعلام النبلاء» (٢١/ ٢٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>