للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَلِي، فَقَالَوا: بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، قَدْ أَخَذْنَا، فَاخْرُجُوا عَنَّا (١).

وتأمل هذا الحديث الذي تفزع لهوله القلوب، وتشيب منه الرؤوس، وترتعد منه الفرائص، روى الإمام أحمد في مسنده مِن حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنتِ العِرْبَاضِ عَن أَبِيهَا رضي اللهُ عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم كَانَ يَاخُذُ الْوَبَرَةَ مِنْ فَيْءِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فَيَقُولُ: «مَا لِي مِنْ هَذَا إِلَّا مِثْلُ مَا لِأَحَدِكُمْ إِلَّا الْخُمُسَ، وَهُوَ مَرْدُودٌ فِيكُمْ، فَأَدُّوا الْخَيْطَ وَالْمَخِيطَ فَمَا فَوْقَهُمَا، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُولَ، فَإِنَّهُ عَارٌ وَشَنَارٌ عَلَى صَاحِبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (٢).

والواجب أن لا يُعطى المرتشي شيئًا فهو يأخذ أجرة من بيت المال وهو أمين على عمله، وقد وضع لخدمة الناس، وإعطائه الرشوة من التعاون على الإثم والعدوان، قَالَ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢]. ومن صورها: أن تكون على شكل هدية في الظاهر وهي رشوة كموظف يُهدي لرئيسه من أجل ترقيته، أو محاباته على حساب العمل، أو طالب يهدي لمعلمه من أجل إنجاحه، وأهل البلد يهدون لقاضيهم من أجل الحكم لهم (٣).


(١) «مسند الإمام أحمد» (٢٣/ ٢١٠) (برقم ١٤٩٥٣)، وقال محققوه: إسناده قوي على شرط مسلم.
(٢) «مسند الإمام أحمد» (٢٨/ ٣٨٥) (برقم ١٧١٥٤)، وقال محققوه: حديث حسن لغيره.
(٣) «حصاد المحابر من خطب المنابر» للشيخ سعد الحجري (ص: ٦٨٧ - ٦٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>