للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَظِيمًا؛ فَكُسِرَتْ رُبَاعِيَّتُهُ، وَشُجَّ رَأسُهُ، وَسَالَ الدَّمُ عَلَى وَجهِهِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: «لَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللهِ وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَمَا لِي وَلَا لِبِلَالٍ طَعَامٌ يَاكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَيْءٌ يُوَارِيهِ إِبِطُ بِلَالٍ» (١).

وَكَانَ صلى اللهُ عليه وسلم حَسَنَ الصُّحبَةِ، جَمِيلَ المُعَاشَرَةِ، يَصِلُ ذَوِي رَحِمِهِ، وَكَانَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذرَاءِ فِي خِدْرِهَا (٢)، قَالَ جَرِيرُ بنُ عَبدِ اللهِ رضي اللهُ عنه: مَا رَآنِي رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجهِي (٣)، وَكَانَ يَنهَى أَصحَابَهُ أَن يَرفَعُوهُ فَوقَ مَنزِلَتِهِ الَّتِي أَنزَلَهُ اللهُ، وَيَقُولُ: «لَا تُطْرُونِي (٤) كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، إِنَّمَا أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ» (٥).

أحبه الصحابة حبًّا جمًّا، إن قال، استمعوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره (٦)، قَالَ أَنَسٌ رضي اللهُ عنه: لَم يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيهِمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم (٧)، جمع من الأخلاق أطيبها، ومن الآداب أزكاها،


(١) «مسند الإمام أحمد» (٢١/ ٤٤٣) (برقم ١٤٠٥٥)، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط مسلم.
(٢) «صحيح البخاري» (برقم ٣٥٦٢)، و «صحيح مسلم» (برقم ٢٣٢٠).
(٣) «صحيح البخاري» (برقم ٣٠٣٥)، و «صحيح مسلم» (برقم ٢٤٧٥).
(٤) الإطراء: هو حسن الثناء. أي: لا تبالغوا في مدحي، كما بالغت النصارى في مدح عيسى عليه السلام، فجعلوه إلهًا أو ابن إله.
(٥) «صحيح البخاري» (برقم ٣٤٤٥).
(٦) «صحيح البخاري» (برقم ٢٧٣١ - ٢٧٣٢).
(٧) «مسند الإمام أحمد» (١٩/ ٣٦٧) (برقم ١٢٣٧٠)، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>