للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي مَجهُودٌ، فَأَرسَلَ إِلَى بَعضِ نِسَائِهِ، فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا عِندِي إِلَّا مَاءٌ، ثُمَّ أَرسَلَ إِلَى أُخرَى، فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ (١).

وَفِي مَقَامِ العُبُودِيَّةِ كَانَ يَقُومُ اللَّيلَ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَيُقَالُ: كَيفَ تَصنَعُ ذَلِكَ وَقَد غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَيَقُولُ: «أَفَلَا أَكُونُ عَبدًا شَكُورًا؟ ! » (٢).

قَالَ أَنَسٌ رضي اللهُ عنه: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ لَا تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلَّا رَأَيْتَهُ، وَلَا نَائِمًا إِلَّا رَأَيْتَهُ (٣).

وَفِي مَقَامِ الشَّجَاعَةِ كَانَ أَشجَعَ النَّاسِ وَأَصبَرَهُم، قَالَ البَرَاءُ ابنُ عَازِبٍ رضي اللهُ عنهما: «كُنَّا وَاللهِ إِذَا احْمَرَّ الْبَاسُ نَتَّقِي بِهِ، وَإِنَّ الشُّجَاعَ مِنَّا لَلَّذِي يُحَاذِي بِهِ - يَعنِي رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم -» (٤).

ولقد ولَّى الناس كلهم يوم حنين وكانوا اثني عشر ألفًا ولم يبقَ معه إلا نحو مئة من أصحابه وهو راكب بغلته يركض بها نحو العدو ويقول: «أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابنُ عَبدِ المُطَّلِبْ» (٥). وما زال كذلك حتى نصره الله، وَقَد أُوذِيَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم فِي سَبِيلِ اللهِ أَذًى


(١) «صحيح البخاري» (برقم ٣٧٩٨)، و «صحيح مسلم» (برقم ٢٠٥٤) واللفظ له.
(٢) «صحيح البخاري» (برقم ١١٣٠)، و «صحيح مسلم» (برقم ٢٨٢٠).
(٣) «صحيح البخاري» (برقم ١١٤١).
(٤) «صحيح مسلم» (برقم ١٧٧٦).
(٥) «صحيح البخاري» (برقم ٢٨٦٤)، و «صحيح مسلم» (برقم ١٧٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>