للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرها حتى يتقنونها شرحًا وعملًا.

روى ابن جرير الطبري في تفسيره من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا إِذَا تَعَلَّمَ عَشرَ آيَاتٍ، لَم يُجَاوِزْهُنَّ حَتَّى يَعرِفَ مَعَانِيَهُنَّ، وَالعَمَلَ بِهِنَّ (١).

وفرَّق النبي صلى الله عليه وسلم بين العمل المتقن وغير المتقن. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ» (٢).

وليعلم أن الأجير لا يستحق أجرته، إلا إذا أدى عملًا كاملًا متقنًا، فإن نقص الإتقان نقصت الأجرة.

وأداء العمل كاملًا متقنًا من الأمانة التي أُؤتمن عليها المؤمن ولا يلزم من إتقان العمل أن يأخذ وقتًا طويلًا، فقد يتقن العمل بوقت قصير، وقد حدث هذا لزيد بن ثابت. روى أبو داود في سننه وأحمد في مسنده من حديث خارجة بن زيد: أن أباه أخبره أنه لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، قال زيد: ذُهب بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأُعجب بي، فقالوا: يا رسول الله، هذا غلام من بني النجار، معه مما أنزل الله عليك بضع عشرة سورة، فأَعجَب ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: «يَا زَيْدُ، تَعَلَّمْ لِي كِتَابَ يَهُودَ، فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابِي»


(١) تفسير الطبري (١/ ٩٥).
(٢) صحيح البخاري برقم (٤٩٣٧)، وصحيح مسلم برقم (٧٩٨) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>