للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس طعام الإمارة، ويدخل إلى بيته فيأكل الخل والزيت (١).

ومنها: الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه يَوْمَ الْأَضْحَى، فَقَرَّبَ إِلَيْنَا خَزِيرَةً (٢)، فَقُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، لَوْ قَرَّبْتَ إِلَيْنَا مِنْ هَذَا الْبَطِّ - يَعْنِي: الْوَزَّ - فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ أَكْثَرَ الْخَيْرَ. فَقَالَ: يَا ابْنَ زُرَيْرٍ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يَحِلُّ لِلخَلِيفَةِ مِنْ مَالِ اللَّهِ إِلَّا قَصعَتَانِ: قَصعَةٌ يَأكُلُهَا هُوَ وَأَهلُهُ، وَقَصعَةٌ يَضَعُهَا بَينَ يَدَيِ النَّاسِ» (٣).

ومنها: الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، وقد كان في مرض موته، فقيل له: يا أمير المؤمنين! أقفرت أفواه بنيك من هذا المال وتركتهم فقراء لا شيء لهم، فقال: أدخلوهم علي، فأدخلوهم بضعة عشر ذكرًا ليس فيهم بالغ، فلما رآهم ذرفت عيناه، ثم قال: يا بني! والله ما منعتكم حقًا هو لكم، ولم أكن بالذي آخذ أموال الناس فأدفعها إليكم، وإنما أنتم أحد رجلين إما صالح فالله يتولى الصالحين، وإما غير صالح فلا أخلف له ما يستعين به على معصية الله، قوموا عني، قال الراوي: فلقد رأيت بعض ولده حمل على مئة فرس في سبيل الله أغناه الله، وأعطى من ماله مئة فرس يجاهد عليها في سبيل الله.


(١) كتاب الزهد (ص: ١٢٧)، وكتاب عثمان بن عفان. شخصيته، وعصره، للدكتور علي الصلابي (ص: ١٠٦).
(٢) لحم يقطع صغارًا ويصب عليه ماء كثير، فإذا نضج ذر عليه الدقيق.
(٣) (٢/ ١٩)، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>