للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جزء من الدينار، أو الدرهم.

قال العلماء: «والحكمة في إلهام الأنبياء من رعي الغنم قبل النبوة: أن يحصل لهم التمرن برعيها على ما يكلفونه من القيام بأمر أمتهم، ولأن في مخالطتها ما يحصل لهم الحلم، والشفقة، لأنهم إذا صبروا على رعيها، وجمعها بعد تفرقها في المرعى، ونقلها من مسرح إلى مسرح، ودفع عدوها من سبع، وغيره كالسارق، وعلموا اختلاف طباعها وشدة تفرقها مع ضعفها، واحتياجها إلى المعاهدة، ألفوا من ذلك الصبر على الأمة، وعرفوا اختلاف طباعها، وتفاوت عقولها فجبروا كسرها، ورفقوا بضعيفها، وأحسنوا التعاهد لها، فيكون تحملهم لمشقة ذلك، أسهل مما لو كلفوا القيام بذلك من أول وهلة، لما يحصل لهم من التدريج على ذلك برعي الغنم» (١).

ومنها: البدء بالأسهل من العلوم، قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} [آل عمران: ٧٩]. الرباني: هو الذي يعلم الناس صغار العلم قبل كباره (٢). قال العلامة ابن خلدون: «ومن المذاهب الجميلة، والطرق الواجبة في التعليم: ألَّا يُخلط على المتعلم علمان معًا، فإنه حينئذ قل أن يظفر بواحد منهما لما فيه من تقسيم البال، وانصرافه عن كل واحد منهما إلى تفهم الآخر، فيستغلقان معًا، ويُستصعبان، ويعود منهما بالخيبة، وإذا تفرغ الفكر لتعليم ما هو بسبيله مقتصرًا عليه، فربما كان ذلك أجدر بتحصيله» (٣).


(١) فتح الباري، لابن حجر (٤/ ٤٤١).
(٢) تفسير القرطبي (٥/ ١٨٤).
(٣) مقدمة ابن خلدون (ص: ٥٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>