للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ وَعَدَنِي إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَاللَّهِ لَكَأَنِّي الآنَ أَنْظُرُ إِلَى مَصَارِعِ الْقَوْمِ» (١).

ولما ارتدت العرب عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، قام سهيل بن عمرو خطيبًا في مكة، وكان من عقلائهم وخطبائهم، فخطب خطبة عصماء، ومما قال فيها: «يا معشر قريش، لا تكونوا آخر من أسلم، وأول من ارتدَّ، والله إن هذا الدين ليمتدن امتداد الشمس والقمر من طلوعهما إلى غروبهما» (٢)، فكانت تلك الخطبة من أعظم أسباب ثباتهم على الدين، والأمثلة على ذلك كثيرة.

قال ابن كثير: «إنما سميت الجمعة جمعة لأنها مشتقة من الجمع، فإن أهل الإسلام يجتمعون فيه كل أسبوع مرة بالمساجد الكبار، وفيه كَمُل جميع الخلائق فإنه اليوم السادس من الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض، وفيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يسأل الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه، كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحاح» (٣).

وقد وردت النصوص الكثيرة بوجوب الإنصات لخطبة الجمعة والفضل العظيم في ذلك. قال البخاري: باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب، وإذا قال لصاحبه: (أنصت) فقد لغا، وقال سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم: ينصت إذا تكلم الإمام، ثم روى عن


(١) السيرة النبوية، لابن هشام (٢/ ٢٠٦).
(٢) أسد الغابة (٢/ ٣٩٦).
(٣) تفسير ابن كثير (١٣/ ٥٥٨)، بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>