للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الأمور السابقة كلها من أجل تهيئة السامع، فعلى الخطيب أن يستشعر أن هذا كله من أجله فليهتم لذلك، وليبذل غاية جهده على ضوء ما يأتي التنبيه عليه والإشارة إليه.

فمن ذلك: الإخلاص لله تعالى، لا ليقال: فلان خطيب مصقع، أو خطب فلان خطبة عصماء .. ونحو ذلك، واسمع إلى موسى نبي الله فيما حكاه الله عنه حين دعا ربه فقال: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي} [طه: ٢٧ - ٢٨]، فغاية مراده أن يفهموا عنه ما يريد وحسب.

ومنها: أن يكون الخطيب قدوة حسنة ظاهرًا وباطنًا، وأن يصدق قوله فعله لتكون خطبته أبلغ تأثيرًا في قلوب السامعين، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُون * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُون} [الصف: ٢ - ٣]. وقال تعالى: {أَتَامُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ} [البقرة: ٤٤].

روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى قَوْمٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ (١) مِنْ نَارٍ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: خُطَبَاءُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، كَانُوا يَامُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ، وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ، أَفَلَا يَعْقِلُونَ؟ ! » (٢).

وذكر بعض أهل العلم أن من شروط صحتهما: حمد الله


(١) يعني: آلات القطع والقص.
(٢) (١٩/ ٢٤٤) برقم (١٢٢١١)، وقال محققوه: حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>