للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَام} [الرحمن: ٤١]. وإذا كانت الآية تحتمل معنيين لا ينافي أحدهما الآخر، فالواجب الأخذ بالمعنيين جميعًا» (١).

قوله تعالى: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَة}، يعني: ناصية أبي جهل كاذبة في مقالها، خاطئة في أفعالها.

قوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَه}، أي: أهل مجلسه وأصحابه ومن حوله ليعينوه على ما نزل به، وكان أبو جهل معظمًا في قريش، وله نادٍ يجتمع الناس إليه فيه ويتكلمون في شؤونهم، فهنا يقول الله عز وجل: إن كان صادقًا فليدع ناديه، وهذا تحدٍّ له. روى الترمذي في سننه وابن جرير في تفسيره من حديث ابن عباس قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عِنْدَ الْمَقَامِ، فَمَرَّ بِهِ أَبُو جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ هَذَا؟ وَتَوَعَّدَهُ، فَأَغْلَظَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَانْتَهَرَهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، بِأَيِّ شَيْءٍ تُهَدِّدُنِي؟ أَمَا وَاللَّهِ، إِنِّي لَأَكْثَرُ أَهْلِ الْوَادِي نَادِيًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {فَلْيَدْعُ نَادِيَه * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَة}، قال ابن عباس: لَو دَعَا نَادِيَهُ، أَخَذَتهُ زَبَانِيَةُ العَذَابِ مِن سَاعَتِهِ (٢).

قوله: {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَة}، يعني: عندنا من هم أعظم من نادي هذا الرجل وهم الزبانية ملائكة النار، وقد وصفهم الله بأنهم غلاظ شداد،


(١) تفسير القرآن الكريم جزء عم، للشيخ ابن عثيمين (ص: ٢٦٨).
(٢) سنن الترمذي برقم (٣٣٤٩)، وابن جرير في تفسيره (١٠/ ٨٧١٦) برقم (٣٧٥٦٤) واللفظ له. وقال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (٣/ ١٣٢) برقم ٢٦٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>