للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال تعالى: {عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون} [التحريم: ٦]. وقيل: إنهم أعظم الملائكة خلقًا، وأشدهم بطشًا، والعرب تطلق هذا الاسم على من اشتد بطشه، قال الشاعر:

مَطَاعِيْمُ فِي القَصْوَى مَطَاعِينُ فِي الوَغَى ... زَبَانِيَةٌ غُلْبٌ (١) عِظَامٌ حُلُومُهَا

فسندع الزبانية حتى يعلم من يغلب: أحزبنا أم حزبه؟ وهذه حالة الناهي وما تُوعد به من العقوبة، وأما حالة المنهي فأمره الله أن لا يصغي إلى هذا الناهي ولا ينقاد لنهيه، فقال: {كَلَاّ لَا تُطِعْهُ}، يعني: يا محمد لا تطعه فيما ينهاك عنه من المداومة على العبادة وكثرتها، وصلِّ حيث شئت ولا تباله، فإن الله حافظك وناصرك، وهو يعصمك من الناس.

«قوله تعالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب} منه في السجود وغيره من أنواع الطاعات، والقربات، فإنها كلها تدني من رضاه وتقرب منه، وهذا عام لكل ناه عن الخير ومنهي عنه، وإن كانت نازلة في شأن أبي جهل حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة وعبث به وآذاه» (٢).

روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ» (٣).

وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أنه قال: سَجَدَ


(١) الغلب: جمع أغلب وهو الغليظ الرقبة، وهم يصفون السادة بغلظ الرقبة وطولها. اللسان (غلب).
(٢) تفسير ابن سعدي (ص: ٨٨٩).
(٣) برقم (٤٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>